تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٩
محييها وميتها. قال الفراء: مالكها والقادر عليها. وقال بعض العلماء: آخذ بناصيتها لا تتوجه إلا حيث يلهمها وقال القتيبي: يقهرها لأن من أخذت فقد قهرته. وقيل: لإنما خص الناصية بالذكر لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنسانا يالذلة فتقول: ناصية فلان بيد فلان وكانوا إذا أسروا إنسانا وأرادوا إطلاقه والم ن عليه جزوا ناصيته ليتعدوا بذلك فخرا عليه فخاطبهم الله بما يعرفون. (إن ربي على صراط مستقيم) يعني: إن ربي وإن كان قادرا عليهم فإنه لا يظلمهم ولا يعمل إلا بالإحسان والعدل فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإحسانه والمسيء بعصيانه. وقيل: معناه إن دين ربي صراط مستقيم. وقيل: فيه إضمار أي: إن ربي يحثكم ويحملكم على صراط مستقيم. (فإن تولوا) أي: تتولوا يعني: تعرضوا عما دعوتكم إليه (فقد أبلغتم ما أ رسلت به إليكم ويستخلف ربي قزما غيركم) أي: إن أعرضتم يهلككم الله عز وجل ويستبدل قوما غيركم أطوع منكم يوحدونه ويعبدونه (ولا تض ر ون ه شيئا) بتوليكم وإعراضكم إنما تضرون أنفسكم. وقيل: لا تنقصونه شيئا إذا أهلككم لأن وجودكم وعدمكم عنده سواء (إن ربي كل شيء حفيظ) أي: لكل شيء حافظ يحفظني من أن تنالوني بسوء. قوله تعالى: (ولما جاء أمرنا) عذابنا (نجينا هودا والذين آمنوا معه) وكانوا أربعة آلاف. (برحمة) بنعمة (من ا ونجيناهم من عذاب غليظ) وهو الريح التي أهلك بها عادا وقيل: العذاب الغليظ: عذاب يوم القيامة أي: كما نجيناهم في الدنيا من العذاب كذلك نجيناهم في الآخرة. (وت ل ك عاد) رده إلى القبيلة (جحدوا بآيات ربهم وعصو ا ر س ل ه) يعني: هودا وحده ذكره بلفظ الجمع لأن من كذ ب رسولا واحدا كان كمن كذب جميع الرسل (واتبعوا أمر كل جبار عنيد) أي: واتبع السفلة والسقاط أهل التكبر والعناد. والجبار: المتكبر والعنيد: الذي لا يقبل الحق يقال: ع ن د الرجل يعند عنودا إذا أبى أن يقبل الشيء وإن عرفه. وقال أبو عبيدة: العنيد والعاند والعنود والمعاند المعارض لك بالخلاف.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»