أو أمة وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يجوز إذا كانت تحته حرة كما يقول في الحر وفي الآية دليل على أنه لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية لأنه قال (فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) جوز نكاح الأمة بشرط أن تكون مؤمنة وقال في موضع آخر (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) أي الحرائر جوز نكاح الكتابية بشرط أن تكون حرة وجوز أصحاب الرأي للمسلم نكاح الأمة الكتابية وبالاتفاق يجوز وطؤها بملك اليمين (والله أعلم بأيمانكم) أي لا تتعرضوا للباطن في الإيمان وخذوا بالظاهر فإن الله أعلم بإيمانكم (بعضكم من بعض) قيل بعضكم أخوة لبعض وقيل كلكم من نفس واحدة فلا تستنكفوا من نكاح الإماء (فانكحوهن) يعني الإماء (بإذن أهلهن) أي مواليهن (وآتوهن أجورهن) مهورهن (بالمعروف) من غير مطل وضرار (محصنات) عفائف بالنكاح (غير مسافحات) أي زانيات (ولا متخذات أخدان) أي أحباب تزنون بهن في السر قال الحسن المسافحة هي أن كل من دعاها تتبعه وذات خدن أي تختص بواحد لا تزني إلا معه والعرب كانت تحرم الأولى وتجوز الثانية (فإذن أحصن) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بفتح الألف والصاد أي حفظن فروجهن وقال ابن مسعود أسلمن وقرأ الآخرون (أحصن) بضك الألف وكسر الصاد أي تزويجهن (فإن أتين بفاحشة) يعني الزنا (فعلين نصف ما على المحصنات) أي ما على الحرائر الأبكار إذا زنين (من العذاب) يعني الحد فيجلد الرقيق إذا زنى خمسين جلدة وهل يغرب فيه قولان فإن قلنا يغرب فيغرب نصف سنة على القول الأصح ولا رجم على العبد روي عن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة قال أمرني عمر بن الخطاب رض الله عنه في فئة من قريش فجلدنا ولائد الإماء خمسين في الزنا ولا فرق في حد المملوك بين من تزوج أو لم يتزوج عند أكثر أهل العلم وذهب بعضهم إلى أنه لا حد على من يتزوج من المماليك إذا زنى لأن الله تعالى قال (فإذا أحصن فإن آتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال طاوس ومعنى الإحصان عند الآخرين الإسلام وإن كان المراد منه التزويج فليس المراد منه أن التزويج شرط لوجوب الحد عليه بل المراد منه التنبيه على أن المملوك وإن كان محصنا بالتزويج فلا رجم عليه إنما حده الجلد بخلاف الحر فحد الأمة ثابت بهذه الأية وبيان أنها تجلد في الحد هو ما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني الليث عن سعيد يعني المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول \ إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فيجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر \ قوله تعالى (ذلك) يعني نكاح الأمة عند عدم الطول (لمن خشي العنت منكم) يعني الزنا يريد المشقة بغلبة الشهوة (وإن تصبروا) عن نكاح الإماء متعففين (خير لكم) لئلا يخلق الولد رقيقا (والله غفور رحيم)
(٤١٦)