سورة البقرة 256 مجاهد ومنه قيل لصحيفة العلم كراسة وقيل كرسيه ملكه وسلطانه والعرب تسمي الملك القديم كرسيا (ولا يؤده) أي لا يثقله ولا يشق عليه يقال آدني الشيء أي أثقلني (حفظهما) أي حفظ السماوات والأرض (وهو العلي) الرفيع فوق خلقه والمتعالي عن الأشياء والأنداد قيل العلي بالملك والسلطنة (العظيم) الكبير الذي لا شيء أعظم منه 256 قوله تعالى (لا إكراه في الدين) قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما كانت المرأة من النصار تكون مقلاة والمقلاة من النساء التي لا يعيش لها ولد وكانت تنذر لئن عاش لها ولد لتهودنه فإذا عاش ولدها جعلته في اليهود فجاء الإسلام وفيهم منهم فلما أجليت بنو النضير كان فيهم عدد من أولاد الأنصار فأرادت الأنصار استردادهم وقالوا هم أبناؤنا وإخواننا فنزلت هذه الآية (لا إكراه في الدين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ قد خير أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختارهم فأجلوهم معهم \ وقال مجاهد كان ناس مسترضعين في اليهود من الأوس فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلاء بني النضير قال الذين كانوا مسترضعين فيهم لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلوهم فنزلت (لا إكراه في الدين) وقال مسروق كان لرجل من الأنصار من بني سليم بن عوف ابنان متنصران قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام فلزمهما أبوهما وقال لا أدعكما حتى تسلما فتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله تعالى (لا إكراه في الدين) فخلى سبيلهما وقال قتادة وعطاء نزلت في أهل الكتاب إذا قبلوا الجزية وذلك أن العرب كانت أمة أمية لم يكن لهم كتاب فلم يقبل منهم إلا الإسلام فلما أسلموا طوعا أو كرها أنزل اللهه تعالى (لا إكراه في الدين) فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية فمن أعطى منهم الجزية لم يكره على الإسلام وقيل كان هذا في الابتداء قبل أن يؤمر بالقتال فصارت منسوخة بآية السيف وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه (قد تبين الرشد من الغي) أي الإيمان من الكفر والحق من الباطل (فمن يكفر بالطاغوت) يعني بالشيطان وقيل كل ما عبد من دون الله تعالى فهو طاغوت وقيل ما يطغي الإنسان فاعول من الطغيان زيدت التاء فيه بدلا من لام الفعل كقولهم حانوت وتابوت فالتاء فيها مبدل من هاء التأنيث (ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) أي تمسك واعتصم بالعقد الوثيق المحكم في الدين والوثقى تأنيث الأوثق وقيل العروة الوثقى السبب الذي يوصل إلى رضا الله تعالى (لا انفصام لها) لا انقطاع لها (والله سميع) لدعائك إياهم إلى الإسلام (عليم) بحرصك على إيمانهم
(٢٤٠)