سورة البقرة 151 152 ليس باستثناء ولكن (إلا) في موضع واو العطف يعني والذين ظلموا أيضا لا يكون لهم حجة كما قال الشاعر (وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان) معناه والفرقدان أيضا يتفرقان فمعنى الآية فتوجهوا إلى الكعبة لئلا يكون للناس يعني لليهود عليكم حجة فيقولوا لم تركتم الكعبة وهي قبلة إبراهيم وأنتم على دينه ولا الذين ظلموا وهم مشركو مكة فيقولون لم ترك محمد قبلة جده وتحول عنها إلى قبلة اليهود (فلا تخشوهم) في انصرافكم إلى الكعبة وفي تظاهرم عليكم بالمجادلة فإني وليكم أظهركم عليهم بالحجة والنصرة (واخشوني ولأتم نعمتي عليكم) عطف على قوله (لئلا يكون للناس عليكم حجة) ولكي أتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى قبلة إبراهيم فتتم به لكم الملة الحنيفية وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه تمام النعمة الموت على الإسلام قال سعيد بن جبير لا يتم نعمة على مسلم إلا أن يدخل الجنة ولعلكم تهتدون لكي تهتدوا من الضلالة و (لعل وعسى) من الله واجب 151 قوله تعالى (كما أرسلنا فيكم) هذه الكاف للتشبيه ويحتاج إلى شيء يرجع إليه فقال بعضهم يرجع إلى ما قبلها معناه ولأتم نعمتي عليكم كما أرسلنا فيكم رسولا منكم قال محمد بن جرير دعا إبراهيم عليه السلام بدعوتين إحداهما قال (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) والثانية قوله (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) فبعث الله الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم ووعد إجابة الدعوة الثانية بأن يجعل في ذريته أمة مسلمة يعني كما أجيبت دعوته ببعث الرسول كذلك أجيبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع الملة الحنيفية وقال مجاهد وعطاء والكلبي هي متعلقة بما بعدها وهو قوله (فاذكروني أذكركم) معناه كما أرسلنا فيكم رسولا منكم فاذكروني وهذه الآية خطاب لأهل مكة والعرب يعني كما أرسلنا فيكم يا معشر العرب (رسولا منكم) يعني محمد صلى الله عليه وسلم (يتلو عليكم آياتنا) يعني القرآن (ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) قيل الحكمة السنة وقيل مواعظ القرآن (ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) من الأحكام وشرائع الإسلام 152 (فاذكروني أذكركم) قال ابن عباس اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي وقال سعيد بن جبير اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي وقيل اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء بيانه (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي
(١٢٨)