تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٤٩
سورة آل عمران 126 128 ثلاثة آلاف بل أراد معهم وقوله (مسومين) أي معلمين قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو وقرأ الآخرون بفتحها فمن كسر الواو فأراد أنهم سوموا خيلهم ومن فتحها أراد به أنفسهم والتسويم الإعلام من السومة وهي العلامة واختلفوا في تلك العلامة فقال عروة بن الزبير كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر وقال علي وابن عباس رضي الله عنهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم وقال هشام بن عروة والكلبي عليهم عمائم صفر مرخاة على أكتافهم وقال الضحاك وقتادة كانوا قد أعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر \ تسوموا فإن الملائكة قد تسومت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم \ 126 قوله تعالى (وما جعله الله) يعني هذا الوعد والمدد (إلا بشرى لكم) أي بشارة لتستبشروا به (ولتطمئن) ولتسكن (قلوبكم به) فلا تجزعوا من كثرة عدوكم وقلة عددكم (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) يعني لا تحيلوا بالنصر على الملائكة والجند فإن النصر من الله تعالى فاستعينوا به وتوكلوا عليه لأن العز والحكم له 127 قوله تعالى (ليقطع طرفا من الذين كفروا) يقول لقد نصركم اللهل يقطع طرفا أي لكي يهلك طائفة من الذين كفروا وقال السدي معناه ليهدم ركنا من أركان الشرك بالقتل والأسر فقتل من قادتهم وسادتهم يوم بدر سبعون وأسر سبعون ومن حمل الآية على حرب أحد فقد قتل منهم يومئذ ستة عشر وكان النصر للمسلمين حين خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فانقلب عليهم (أو يكبتهم) قال الكلبي يهزمهم وقال يمان يصرعهم لوجوههم قال السدي يلعنهم وقال أبو عبيدة يهلكهم وقيل يحزنهم والمكبوت الحزين وقيل يكبدهم أي يصيب الحزن والغيظ أكبادهم والتاء والدال يتعاقبان كما يقال سبت رأسه وسبده إذا حلقه وقيل يكبتهم بالخيبة (فينقلبوا خائبين) لم ينالوا شيئا مما كانوا يرجون من الظفر بكم 128 قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) الآية اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال قوم نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من القراء بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم أميرهم المنذر بن عمرو فقتلهم
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»