تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
سورة آل عمران 27 لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعد أمته ملك فارس والروم قال المنافقون واليهود هيهات هيهات من أين لمحمد صلى الله عليه وسلم ملك فارس والروم وهم أعز وأمنع من ذلك ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم فأنزل الله تعالى هذه الآية (قل اللهم) قيل معناه يا الله فلما حذف حرف النداء زيد الميم في آخره وقال قوم للميم فيه معنى ومعناها اللهم أمنا بخير أي أقصدنا حذف منه حرف النداء كقولهم هلم إلينا كان أصله هل أم إلينا ثم كثرت في الكلام فحذفت الهمزة استخفافا وربما خففوا أيضا فقالوا لا هم قوله (مالك الملك) يعني يا مالك الملك أي مالك العباد وما ملكوا وقيل يا ملك السماوات والأرض وقال الله تعالى في بعض الكتب أنا الله ملك الملوك ومالك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم قوله تعالى (تؤتي الملك من تشاء) قال مجاهد وسعيد بن جبير يعني ملك النبوة وقال الكلبي تؤتي الملك من تشاء محمدا وأصحابه (وتنزع الملك ممن تشاء) أبي جهل وصناديد قريش وقيل تؤتي الملك من تشاء العرب وتنزع الملك ممن تشاء فارس والروم وقال السدي تؤتي الملك من تشاء آتى الله الأنبياء عليهم السلام الملك وأمر العباد بطاعتهم وتنزع الملك ممن تشاء نزعه من الجبارين وأمر العباد بخلافهم وقيل تؤتي الملك من تشاء آدم وولده وتنزع الملك ممن تشاء إبليس وجنوده وقوله تعالى (وتعز من تشاء وتذل من تشاء) قال عطاء تعز من تشاء من المهاجرين والأنصار وتذل من تشاء فارس والروم وقيل تعز من تشاء محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة في عشرة آلاف ظاهرين عليهم وتذل من تشاء أبا جهل وأصحابه حتى جزت رؤوسهم وألقوا في القليب وقيل تعز من تشاء بالإيمان والهداية وتذل من تشاء بالكفر والضلالة وقيل تعز من تشاء بالطاعة وتذل من تشاء بالمعصية وقيل تعز من تشاء بالنصر وتذل من تشاء بالقهر وقيل تعز من تشاء بالغنى وتذل من تشاء بالفقر وقيل تعز من تشاء بالقناعة والرضى وتذل من تشاء بالحرص والطمع (بيدك الخير) أي بيدك الخير والشر فاكتفى بذكر أحدهما قال تعالى (سرابيل تقيكم الحر) أي الحر والبرد فاكتفى بذكر أحدهما (إنك على كل شيء قدير) 27 قوله تعالى (تولج الليل في النهار) أي تدخل الليل في النهار حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات (وتولج النهار في الليل) حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات فما نقص من أحدهما زاد في الآخر (وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي) قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم (الميت) بتشديد الياء ههنا وفي الأنعام
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»