تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٨
سورة البقرة 5 9 البصرة ويعقوب كل مد يقع بين كل كلمتين والآخرون يمدونها وهذه الآية في المؤمنين من أهل الكتب قوله (وبالآخرة) أي بالدار الآخرة سميت الدنيا دنيا لدنوها من الآخرة وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا (هم يوقنون) أي يستيقنون أنها كائنة من الإيقان وهو العلم وقيل الإيقان واليقين علم عن استدلال ولذلك لا يسمى الله موقنا ولا علمه يقينا إذ ليس علمه عن استدلال 5 قوله (أولئك) أي أهل هذه الصفة وأولاء كلمة معناها الكناية عن جماعة نحو هم والكاف للخطاب كما في حرف ذلك (على هدى) أي رشد وبيان وبصيرة (من ربهم وأولئك هم المفلحون) الناجون والفائزون فازوا بالجنة ونجوا من النار ويكون الفلاح بمعنى البقاء أي باقون في النعيم المقيم وأصل الفلاح القطع والشق ومنه سمي الزراع فلاحا لأنه يشق الأرض وفي مثل الحديد بالحديد يفلح أي يشق فهم المقطوع لهم بالخير في الدنيا والآخرة 6 قوله (إن الذين كفروا) يعني مشركي العرب قال الكلبي يعني اليهود والكفر عن الجحود وأصله من الستر ومنه سمي الليل كافرا لأنه يستر الأشياء بظلمته وسمي الزراع كافرا لأنه يستر الحب بالتراب فالكافر يستر الحق بجحوده والكفر على أربعة أنحاء كفر إنكار وكفر جحود وكفر عناد وكفر نفاق فكفر الإنكار هو أن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به وكفر به وكفر الجحود هو أن لا يعرف الله بقلبه ولا يعترف بلسانه ككفر إبليس وكفر اليهود قال الله تعالى (فلما جاءهم من عرفوا كفروا به) وكفر العناد هو أن يعرف الله بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به ككفر أبي طالب حيث يقول ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا) (لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا) وأما كفر النفاق فهو أن يقر باللسان ولا يعتقد بالقلب وجميع هذه الأنواع سواء في أن من لقي الله تعالى بواحد منها لا يغفر له قوله (سواء عليهم) متساو لديهم (أأنذرتهم) خوفتهم وحذرتهم والإنذار إعلام مع تخويف وتحذير فكل منذر معلم وليس كل معلم منذرا وحقق ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي الهمزتين في (أأنذرتهم) وكذلك كل همزتين تقعان في أول الكلمة
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»