مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٣٤
الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا، والكفر في الدين أكثر والكفور فيهما جميعا قال: (فأبى الظالمون إلا كفورا - فأبى أكثر الناس إلا كفورا) ويقال منهما كفر فهو كافر، قال في الكفران: (ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم) وقال: (واشكروا لي ولا تكفرون) وقوله: (وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين) أي تحريت كفران نعمتي، وقال: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ولما كان الكفران يقتضى جحود النعمة صار يستعمل في الجحود، قال: (ولا تكونوا أول كافر به) أي جاحد له وساتر، والكافر على الاطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية أو النبوة أو الشريعة أو ثلاثتها، وقد يقال كفر لمن أخل بالشريعة وترك ما لزمه من شكر الله عليه، قال: (من كفر فعليه كفره) يدل على ذلك مقابلته بقوله: (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) وقال (وأكثرهم الكافرون) وقوله (ولا تكونوا أول كافر به) أي لا تكونوا أئمة في الكفر فيقتدى بكم، وقوله (ومن يكفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) عنى بالكافر الساتر للحق فلذلك جعله فاسقا، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق، ومعناه من جحد حق الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه. ولما جعل كل فعل محمود من الايمان جعل كل فعل مذموم من الكفر، وقال في السحر: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) وقوله: (الذين يأكلون الربا - إلى قوله - كل كفار أثيم) وقال: (ولله على الناس حج البيت - إلى قوله - ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) والكفور المبالغ في كفران النعمة، وقوله: (إن الانسان لكفور) وقال: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) إن قيل كيف وصف الانسان ههنا بالكفور ولم يرض بذلك حتى أدخل عليه إن واللام وكل ذلك تأكيد، وقال في موضع (وكره إليكم الكفر) فقوله (إن الانسان لكفور مبين) تنبيه على ما ينطوي عليه الانسان من كفران النعمة وقلة ما يقوم بأداء الشكر، وعلى هذا قوله: (قتل الانسان ما أكفره) ولذلك قال (وقليل من عبادي الشكور) وقوله (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) تنبيه أنه عرفه الطريقين كما قال: (وهديناه النجدين) فمن سالك سبيل الشكر، ومن سالك سبيل الكفر، وقوله (وكان الشيطان لربه كفورا) فمن الكفر ونبه بقوله (كان) أنه لم يزل منذ وجد منطويا على الكفر. والكفار
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست