تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٢٩٠
* (ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا (39) ما كان محمد أبا أحد من) * * لداود وسليمان من النساء. وذكر (بعضهم)، أن المراد من الآية تشبيه حال النبي بحال داود؛ فإن داود هوى امرأة فجمع الله بينهما على وجه الحلال، وكذلك الرسول هوى امرأة فجمع الله بينهما على وجه الحلال.
قوله: * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) أي: قضاء مقضيا.
قوله تعالى: * (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله) أي: [خشية] تحول بينهم وبين معصيته، وهذا هو الخشية حقيقة.
وقوله: * (ولا يخشون أحدا إلا الله) أي: غير الله، ومعناه: أنهم لا يراقبون أحدا فيما أحل لهم. وفي بعض (الآثار): من لم يستح مما أحل الله له خفت مؤنته.
وقوله: * (وكفى بالله حسيبا) أي: حافظا، ويقال: محاسبا، تقول العرب: (أحسبني) الشيء أي: كفاني.
قوله تعالى: * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) أكثر المفسرين أن المراد منه زيد بن حارثة، ومعناه: أنه ليس بأبي زيد بن حارثة، فإن قيل: أليس انه قد كان له أولاد ذكور وإناث، وكذلك الحسن والحسين كانا ولديه.
وقد ثبت عن النبي أنه قال للحسن بن علي: ' إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين '.
وفيه إشارة إلى الصلح الذي وقع بين أهل العراق وأهل الشام حين بايع الحسن معاوية وسلم إليه الأمر، والقصة معروفة. والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أن @ 291 @ * (رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (40) يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا (41) وسبحوه بكرة وأصيلا (42) هو الذي يصلي) * * معنى قوله: * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) أي: أبا رجل لم يلده، ولم يكن ولد زيد بن حارثة؛ فلم يكن أباه، وقد كان له أولاد ذكور ولدهم وهم: القاسم، والطيب، والطاهر، وإبراهيم رضي الله عنهم وجعل بعضهم بدل الطاهر المطهر.
والجواب الثاني: أنه قال: * (من رجالكم) وهؤلاء كانوا صغارا، والرجال اسم يتناول البالغين. وروى عطاء عن ابن عباس أن الله تعالى لما حكم أنه لا نبي بعده لم يعطه ولدا ذكرا يصير رجلا، ولو أعطاه ولدا ذكرا يصير رجلا لجعله نبيا.
وقد قال بعض العلماء: ليس هذا بمستنكر، ويجوز أن يكون له ولد رجل ولا يكون نبيا، وما ذكرناه محكى عن ابن عباس، والله أعلم.
وقوله: * (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وقرئ: ' خاتم ' بنصب التاء، فأما قوله: * (وخاتم النبيين) بالفتح أي: آخر النبيين، وأما بالكسر أي: ختم به النبيين.
وقوله: * (وكان الله بكل شيء عليما) أي: عالما، وقد ثبت برواية جابر بن عبد الله أن النبي قال: ' مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة منها، فجعل كل من يدخل الدار يقول: ما أحسنها وأكملها لولا موضع اللبنة، فأنا اللبنة، ولا نبي بعدي '.
وفي بعض الغرائب من الأخبار: أن النبي قال: ' لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه نبي، ولا نبي بعدي '.
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) فيه قولان: أحدهما:
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 292 293 294 295 296 ... » »»