(كبير (23) فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير (24) فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما) * * قتادة. كانتا تسقيان أغنامهما ما تفضل من مياه القوم. وقال بعضهم: لم تسقيا أغنامهما كراهة مزاحمة الرجال.
وقوله: * (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر على سقي الغنم، كأنهما جعلتا ذلك عذرا لهما، وقيل: إنما قالتا ذلك استعطافا لقلب موسى حتى يسقيهما، قال ابن عباس: وصل موسى أي: ماء مدين وخضرة البقل يرى في أمعائه من الهزال.
وقوله: * (فسقى لهما) في القصة: أن القوم رجعوا بأغنامهم، وغطوا رأس البئر بحجر، لا يرفعه إلا عشرة نفر، فجاء موسى ورفع الحجر وحده، وسقى غنم المرأتين. ويقال: إنه نزع ذنوبا ودعا فيه بالبركة، فروى منه جميع الغنم. وذكر ابن إسحاق: أن موسى زاحم القوم وأخرهم، ونحاهم عن رأس البئر وسقى غنم المرأتين.
وقوله: * (ثم تولى إلى الظل) يقال: كان ظل شجرة، ويقال: كان ظل حائط بلا سقف.
وقوله: * (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) أجمع المفسرون على أنه طلب من الله الطعام لجوعه، قال ابن عباس فلقة خبز، أو قبضة تمر. وقال سعيد بن جبير: لم يكن على وجه الأرض أكرم منه، وكان محتاجا إلى شق تمرة. وقال مجاهد: طلب الخبز. وفي بعض الآثار: أن الله تعالى أخرج للخبز بركات السماوات والأرض. وعن بعضهم: لولا الخبز ما عبد الله. والعرب تسمي الخبز جابرا، قال بعضهم شعرا:
(لا تلوموني ولوموا جابرا * فجابر كلفني الهواجرا) يعني: العمل بالهاجرة.
قوله تعالى: * (فجاءته إحداهما) في الآية حذف، وهو أن المرأتين رجعتا إلى أبيهما، وأكثر أهل التفسير أن أباهما كان هو: شعيب النبي عليه السلام وقال الحسن البصري: هو رجل ممن آمن بشعيب، وقال بعضهم: هو ابن أخي شعيب، فلما