تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٢
(كبير (23) فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير (24) فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما) * * قتادة. كانتا تسقيان أغنامهما ما تفضل من مياه القوم. وقال بعضهم: لم تسقيا أغنامهما كراهة مزاحمة الرجال.
وقوله: * (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر على سقي الغنم، كأنهما جعلتا ذلك عذرا لهما، وقيل: إنما قالتا ذلك استعطافا لقلب موسى حتى يسقيهما، قال ابن عباس: وصل موسى أي: ماء مدين وخضرة البقل يرى في أمعائه من الهزال.
وقوله: * (فسقى لهما) في القصة: أن القوم رجعوا بأغنامهم، وغطوا رأس البئر بحجر، لا يرفعه إلا عشرة نفر، فجاء موسى ورفع الحجر وحده، وسقى غنم المرأتين. ويقال: إنه نزع ذنوبا ودعا فيه بالبركة، فروى منه جميع الغنم. وذكر ابن إسحاق: أن موسى زاحم القوم وأخرهم، ونحاهم عن رأس البئر وسقى غنم المرأتين.
وقوله: * (ثم تولى إلى الظل) يقال: كان ظل شجرة، ويقال: كان ظل حائط بلا سقف.
وقوله: * (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) أجمع المفسرون على أنه طلب من الله الطعام لجوعه، قال ابن عباس فلقة خبز، أو قبضة تمر. وقال سعيد بن جبير: لم يكن على وجه الأرض أكرم منه، وكان محتاجا إلى شق تمرة. وقال مجاهد: طلب الخبز. وفي بعض الآثار: أن الله تعالى أخرج للخبز بركات السماوات والأرض. وعن بعضهم: لولا الخبز ما عبد الله. والعرب تسمي الخبز جابرا، قال بعضهم شعرا:
(لا تلوموني ولوموا جابرا * فجابر كلفني الهواجرا) يعني: العمل بالهاجرة.
قوله تعالى: * (فجاءته إحداهما) في الآية حذف، وهو أن المرأتين رجعتا إلى أبيهما، وأكثر أهل التفسير أن أباهما كان هو: شعيب النبي عليه السلام وقال الحسن البصري: هو رجل ممن آمن بشعيب، وقال بعضهم: هو ابن أخي شعيب، فلما
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»