تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٢٩
(* (17) فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين (18) فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد) * * * (فأصبح في المدينة خائفا يترقب). قال سعيد بن جبير: يلتفت ويقال: ينتظر الطلب، وفي القصة: أن موسى حين قتل ذلك الرجل لم يره أحد، ودفن لرجل في الرمل. وروي أن قومه وجدوه قتيلا، فجاءوا إلى فرعون وذكروا له ذلك. فقال: اطلبوا قاتله لأقيده به، فجعلوا يطلبونه وموسى يخاف.
وقوله: * (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه) أي: يستغيث به ويصيح به من بعد، وكان ذلك الإسرائيلي سخره قبطي آخر، فبصر به موسى فطلب منه المعونة.
وقوله: * (قال له موسى إنك لغوى مبين) الأكثرون أن هذا قاله موسى للإسرائيلي، فإنه كان أغواه أمس أي: أوقعه في الغواية، فمعنى قوله: * (غوى): موقع في الغواية.
وقوله: * (مبين) أي: بين، ويقال: إن هذا قاله للقبطي، والأصح هو الأول.
قوله تعالى: * (فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما) في التفسير: إن موسى أدركته الرقة والرحمة للإسرائيلي، فقصد أن يبطش بالقبطي، فظن الإسرائيلي أنه يريد أن يبطش به؛ لأنه كان قال له: ' إنك لغوى مبين '.
وقوله: * (قال يا موسى أتريد أن تقتلني) يعني: قال الإسرائيلي: * (كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد) أي: ما تريد * (إلا أن تكون جبارا في الأرض)، أي: تقتل على الغضب، وكل من قتل على الغضب فهو جبار، ويقال: من قتل نفسين بغير حق فهو من جبابرة الأرض.
وقوله: * (وما تريد أن تكون من المصلحين) أي: الرافقين بالناس، وفي القصة: أن الإسرائيلي لما قال هذا وسمعه القبطي، عرف أن الذي قتل بالأمس إنما قتله موسى، فمر إلى فرعون وذكر له ذلك، فبعث في طلب موسى ليقتله به.
قوله تعالى: * (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) يقال: كان اسمه شمعون، ويقال: شمعان، وقيل: هو (حزقيل) مؤمن [من] آل فرعون.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»