تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٠
* (أن تكون من المصلحين (19) وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك من الناصحين (20) فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين (21) ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن) * * وقوله: * (قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك) أي: يتشاورون في قتلك، وقيل: يأمر بعضهم بعضا بقتلك، وقيل: إن فرعون قال: أين وجدتموه فاقتلوه.
وقوله: * (فأخرج إني لك من الناصحين) أي: من الناصحين لك في الأمر بالخروج، والنصح للإنسان هو الإشارة عليه بما يصلح أمره، وقد كان السلف يطلب هذا بعضهم من بعض. قال أبو بكر رضي الله عنه حين خطب: إن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني. وروي أن رجلا قال لعمر: اتق الله يا عمر، فأنكر عليه بعضهم، فقال عمر: دعه، فما نزال بخير ما قيل لنا هذا. وعن بعضهم أنه قيل له: أتريد أن تنصح؟ قال: أما سرا فنعم، وأما جهرا فلا.
قوله: * (فخرج منها خائفا يترقب) أي: ينتظر الطلب، وفي القصة: أن فرعون بعث لطلبه حين أخبر بهربه، وقال: اركبوا ثنيات الطريق، فإنه لا يعرف كيف الطريق.
وروي أنه خرج متوهجا لا يدري أين ذهب، فبعث الله تعالى ملكا حتى هداه إلى الطريق، وفي بعض التفاسير: أنه خرج حافيا يعدو ثمان ليال ليس معه زاد، قال ابن عباس: وهو أول ابتلاء من الله لموسى يسقط خف قدمه، وجعل يأكل البقل حتى كان يرى خضرته في بطنه.
وقوله: * (قال رب نجني من القوم الظالمين) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (ولما توجه تلقاء مدين) أي: قبل مدين.
وقوله: * (قال عسى ربي أن يهديني) أي: يرشدني ربي * (سواء السبيل) أي: وسط الطريق، ووسط الطريق هو السبيل الذي يوصل إلى المقصود، ومدين اسم رجل نسبت البلدة إليه، قال الشاعر في المدائن:
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»