تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٦٩
أحيني ما دامت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ' وفي القصة: أن يوسف لما جمع له شمله وأوصل الله إليه أبويه وأهله اشتاق إلى ربه فقال هذا القول. وقد قال الحسن البصري: عاش بعد هذا سنين كثيرة. وقال غيره: لما قال هذا القول لم يمض عليه أسبوع حتى توفي. وأما خبر وفاة يعقوب - صلوات الله عليه - فقد قال أصحاب الأخبار: إن يعقوب عاش عند يوسف أربعا وعشرين سنة بأغبط حال وأهنأ عيش ثم أدركته الوفاة فدعا بنيه وقال: يا بني، * (ما تعبدون من بعدي) الآية، وقد ذكرنا في سورة البقرة، وأوصى يوسف - عليه السلام - أن يحمله إلى الأرض المقدسة ويدفنه بجنب أبيه إسحاق ففعل ذلك. وقالوا: عاش يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة، وأما يوسف فإنه عاش بعد أبيه سنتين، وقيل: أكثر من ذلك، والله أعلم، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة فدفنوه في نيل مصر: (لأن أهل مصر تشاحنوا عليه وطلب أهل كل محلة أن يدفن في محلتهم رجاء بركته، ثم اتفقوا أن يدفن في نيل مصر) ليجري الماء عليه وتصل بركته إليهم كلهم. وعن عكرمة: أنه دفن في [الجانب] الأيمن من النيل فأخصب ذلك الجانب وأجدب الجانب الآخر فاتفقوا على أن جعلوه في تابوت من حديد - وقيل: من رخام - ودفنوه في وسط النيل، وقدروا ذلك بسلسلة عندهم فأخصب الجانبان، وكان يوسف أوصى إخوته أنهم إذا خرجوا من مصر أخرجوه مع أنفسهم، فلما كان زمن موسى أخرجه موسى مع نفسه إلى الأرض المقدسة ودفته بقرب آبائه؛ وفي القصص أن عجوزا دلتهم على قبر يوسف وأن تلك العجوز سألت موسى مرافقته في الجنة به حتى دلت، فنزل الوحي على موسى بأن يعطيها ذلك.
وروى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن الله تعالى لما جمع بين يعقوب ويوسف قال له يوسف: يا أبتاه حزنت علي حتى انحنى ظهرك، وبكيت علي حتى
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»