* (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون (105) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (106) أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون (107) قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن) * * من آيات السماء، وأما آيات الأرض معلومة أيضا [وهي]: شجرها ونباتها وجميع ما فيها وما يخرج منها. وقوله: * (يمرون عليها وهم عنها معرضون) معناه: أنهم يعرضون عنها مع مشاهدتها ولا يستدلون بها على وحدانية الله.
قوله تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) فإن قيل: كيف يجوز اجتماع الإيمان مع الشرك في الواحد؟ الجواب من وجوه: أحدها: أن معناه * (وما يؤمن أكثرهم بالله) أي: وما يقر أكثرهم بالله إلا وهم مشركون بقلوبهم وضمائرهم.
والثاني: أن مشركي مكة كانوا إذا قيل لهم: من خلقكم؟ قالوا: الله، وإذا قيل لهم: من يرزقكم؟ قالوا: الله، وإذا قيل لهم: من خلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله ثم مع ذلك يعبدون الأصنام، وبعضهم يقولون: إن الملائكة بنات الله، وبعضهم يقول: الأصنام شفعاؤنا عند الله، فالقول الأول: هو الإيمان، [وليس] المراد من الإيمان هو حقيقة الإيمان الذي يصير به الإنسان مؤمنا، وإنما المراد ما بينا.
والقول الثالث: أن معنى شركهم هو شركهم في التلبية، فإنهم كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.
قوله تعالى: * (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) قيل: قطعة من عذاب الله، وقيل: عقوبة محللة من عذاب الله. وقوله: * (أو تأتيهم الساعة بغتة) أي: فجأة، والبغتة: وقوع الشيء من غير توقع سابق. قال الشاعر:
(ولكنهم باتوا ولم أدر بغتة * وأفظع شيء حين يفجؤك البغت) وقوله: * (وهم لا يشعرون) أي: لا يعلمون