تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٦٧
* (قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد) * * بذكر العرش أهل العرش من الملائكة، والله أعلم.
وقوله: * (وخروا له سجدا) معناه: وقعوا له ساجدين، واختلفوا في هذه السجدة فالأكثرون أنهم سجدوا له، [و] كانت السجدة سجدة المحبة لا سجدة العبادة، وهو مثل سجود الملائكة لآدم - عليه السلام - قال أهل العلم: وكان ذلك جائز في الأمم السالفة، ثم إن الله تعالى نسخ ذلك في هذه الشريعة وأبدل بالسلام، وقال بعضهم: أنهم سجدوا لله لا ليوسف، وإنما خروا له سجدا؛ لأنه كان قدامهم فحصل سجودهم إليه كما يسجد إلى المحراب والجدار، والصحيح هو الأول، هكذا قاله أهل العلم، والدليل عليه أنه كان في رؤياه: * (إني رأت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)، فالشمس والقمر أبواه، وأحد عشر كوكبا هم إخوته.
فإن قال قائل: كيف جاز السجود لغير الله؟ وإذا جاز السجود لغير الله فلم لا تجوز العبادة لغير الله؟ والجواب: أن العبادة نهاية التعظيم، ونهاية التعظيم لا تجوز إلا لله؛ وأما السجود: نوع تذلل وخضوع بوضع الخد على الأرض وهو دون العبادة، فلم يمتنع جوازه للبشر كالانحناء.
وقال بعضهم: * (وخروا له سجدا) السجود هاهنا هو الانحناء وعبر عنه بالسجود، وأما حقيقة السجود فلم تكن. وأولى الأقاويل هو الأول والله أعلم.
قوله: * (وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل) [تفسير] رؤياي من قبل * (قد جعلها ربي حقا) أي: صدقا * (وقد أحسن بي) أي: أنعم علي * (إذ أخرجني من السجن) فإن قال قائل: كيف لم يقل: إذ أخرجني من الجب، وكانت المحنة عليه والبلية في الجب أكثر منها في السجن؟ الجواب عنه: أنه أعرض عن ذكر
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»