تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٧٣
* (قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين (110) لقد) * * أضاف العرفان إلى اليقين: وقوله: * (أفلا تعقلون) أفلا تفقهون.
قوله تعالى: * (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا) قرىء بقراءتين بالتشديد والتخفيف، قرأ أهل الكوفة بالتخفيف، والآية مشكلة إذا قرئت بالتخفيف؛ لأن القائل يقول: كيف ظن الرسل أنهم قد كذبوا، ولا يجوز هذا على الأنبياء. وكانت عائشة تنكر هذه القراءة، وتقول: إنما هو ' كذبوا ' بالتشديد، يعني: أن الرسل ظنوا أن من آمن بهم كذبوهم لشدة المحنة والبلاء عليهم، وتطاول المدة بهم، هذا رواه الزهري عن عروة عن عائشة. وعن قتادة: أن الظن هاهنا بمعنى اليقين، ومعناه: وأيقن الرسل أن القوم كذبوهم تكذيبا لا يرجى بعده إيمانهم، وهو تأكيد لقوله: * (حتى إذا استيأس الرسل) لأن معناه: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، أي: أيسوا، وأما القراءة بالتخفيف هذه قراءة صحيحة، وهي منقولة عن علي وعن عبد الله بن مسعود وابن عباس وكثير من الصحابة.
وفي معناه قولان: أحدهما: ما روي عن ابن عباس أنه قال: ضعفت قلوب الرسل - وقد كانوا بشرا - بتطاول الزمان وكثرة الإمهال، وقد قال الله تعالى في موضع آخر: * (وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) وقوله: * (متى نصر الله): استبطاء، أو قالوا هذا من ضعف البشرية.
والقول الثاني - وهو الصحيح - وهو منقول أيضا عن ابن عباس أن معنى الآية: وظن من آمن بالرسل، أن الرسل قد كذبوا بالتخفيف، أو ظن القوم الذين بعث إليهم أن الرسل قد كذبوا بالتخفيف، وقرأ مجاهد: ' وظنوا أنهم قد كذبوا ' ومعناه كما ذكرنا في القول الثاني: أن ظن القوم أن الرسل قد كذبوا.
وقوله: * ([جاءهم] نصرنا) ظاهر المعنى. وقوله: * (فنجي من نشاء) المشيئة واقعة على المؤمنين. وقوله: * (ولا يرد بأسنا) أي: عذابنا * (عن القوم المجرمين) أي:
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»