تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٦
* (الحاكمين (80) ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين (81) واسأل القربة التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون (82) قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر) * * وقوله: * (فلن أبرح الأرض) يعني: لن أبرح أرض مصر * (حتى يأذن لي أبي) يعني: يدعوني أبي * (أو يحكم الله لي) أي: يرد أخي إلي، وقيل: يحكم الله لي بالسيف فأقاتلهم وأسترد أخي * (وهو خير الحاكمين) يعني: وهو خير الفاصلين.
قوله تعالى: * (ارجعوا إلى أبيكم) الآية: امضوا إلى أبيكم * (فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق) وحكي عن ابن عباس أنه قرأ: ' أنه إن ابنك سرق ' وفيه معنيان: أحدهما: اتهم بالسرقة. والآخر: علم منه السرقة. وقوله: * (وما شهدنا إلا بما علمنا) يعني: إلا بما رأينا فإنا رأينا إخراج الصاع من متاعه. وقوله: * (وما كنا للغيب حافظين) فيه قولان: أحدهما: ما كنا لليله ونهاره وذهابه ومجيئه حافظين، وإنما كنا نعلم من حاله ما دام عندنا، والقول الثاني يعني: أنا لو علمنا أنه سيسرق ما حملناه مع أنفسنا فنحن لم نعلم هذا الغيب.
قوله تعالى: * (واسأل القرية التي كنا فيها) يعني: أهل القرية التي كنا فيها. * (والعير التي أقبلنا فيها) يعني: وأهل العير التي أقبلنا فيها، أي: كنا فيها.
وقوله: * (وإنا لصادقون) ظاهر. فإن قال قائل: كيف استجاز يوسف - عليه السلام - أن يعمل كل هذا بأبيه ولم يخبره بمكانه ولم يرسل إليه أحدا، ثم حبس أخاه عنده وقد عرف شدة وجده عليه، وهذا أعظم من كل عقوق، وفيه قطع الرحم وقلة الشفقة؟ الجواب عنه: قد أكثر الناس في هذا، والصحيح أنه عمل ما عمل بأمر الله تعالى، وأمره الله تعالى بذلك ليزيد في بلاء يعقوب ويضاعف له الأجر، ويرفع درجته [فيلحقه] في الدرجة بآبائه الماضين. وقيل: إنه لم يظهر نفسه للإخوة؛ لأنه لم يأمن عليهم أن يدبروا، في ذلك تدبيرا ويكتموا عن أبيهم، والصحيح هو الأول.
قوله تعالى: * (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا) في الآية اختصار؛ لأنهم رجعوا
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»