تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥١
* (جزاؤه إن كنتم كاذبين (74) قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين (75) فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من) * * كنا سارقين ما رددنا البضاعة؛ لأن من يطلب شيئا ليسرقه لا يخلي شيئا وقع في يده.
فإن قيل: كيف جاز في العربية أن يقول القائل: (تالله، ولا يجوز أن يقول: تالرحمن وتالرحيم)؟ قلنا: لأن التاء بدل الباء؛ فإن الأصل في القسم حرف الباء ثم أبدلت الواو بالتاء فلما كانت بدل البدل ضعفت عن التصرف واقتصرت على الاسم الذي هو الأصل في القسم عادة ولسانا وهو ' الله '.
قوله تعالى: * (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) معناه: فما جزاء السارق إن كنتم كاذبين بقولكم إنا لم نسرق؟
قوله: * (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) استعباد السارق من وجد في رحله (فهذا) الجزاء جزاؤه؛ فيكون الثاني تأكيدا للأول. وفي الأول حذف على عادة كلام العرب، والقول الثاني: قالوا: جزاؤه من وجد في رحله فالسارق جزاؤه؛ فهو كناية عن السارق، ومعنى جعله جزاء: أنه يسترق ويستعبد. واعلم أنه كان من سنة يعقوب: أن من سرق شيئا استرق سنة، وكان حكم ملك مصر أن يضرب ويغرم ضعفي قيمته، [فمراد] يوسف أن يحبس أخاه عنده فرد الحكم في السرقة إليهم فذكروا من حكم السرقة بما عرفوه في شريعة يعقوب عليه السلام، فأخذ يوسف عليه السلام بذلك وحصل مراده من حبس أخيه.
وقوله: * (كذلك نجزي الظالمين) يعني: أن إخوة يوسف قالوا: كذلك نجزي السراق عندنا.
قوله تعالى: * (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) روي أن المؤذن فتش عن أوعيتهم، وروي أنه رد جماعتهم إلى يوسف - عليه السلام -
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»