تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٥٢
* (وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم (76) قالوا إن يسرق) * * فأمر بتفتيش أوعيتهم بين يديه. وفي القصة: أن ذلك الرجل كان كلما فتش وعاء ولم يجد الصاع استغفر الله وأظهر التوبة فلما بقي رحل بنيامين قال: ما أظن أن هذا أخذ شيئا قالوا: والله لا نتركك حتى تفتش وعاءه فتطيب أنفسنا ونفسك، ففتش وعاءه واستخرج الصاع فبقوا منكسرين مستحيين ونكسوا رؤوسهم خجلا وقالوا لبنيامين: ما هذا يا ابن راحيل؟! فقال: والله ما سرقت، فقالوا: كيف وقد وجد الصاع في رحلك؟! فقال: وضع الصاع في رحلي من وضع البضاعة في رحالكم. قال: وأخذوا بنيامين رقيقا عبدا. وفي القصة: أن ذلك الرجل أخذ برقبته ورده إلى يوسف كما يرد السراق. وقوله: * (كذلك كدنا ليوسف) معناه: دبرنا ليوسف، وقيل: صنعنا ليوسف. وقال ابن الأنباري: أردنا ليوسف؛ وأنشد قول الشاعر (كادت وكدت وذاك خير إرادة * لو عاد من لهو الصبابة ما مضى) فإن قيل: ما معنى قوله: * (كذلك) وأيش هذه الكاف، والكاف للتشبيه؟ الجواب عنه: أن هذا منصرف إلى قول يعقوب في أول السورة: * (فيكيدوا لك كيدا) وكان كيدهم: أنهم أخذوه من أبيه بحيلة وألقوه في الجب فقال الله تعالى: كما كادوا في أمر يوسف: * (كدنا ليوسف) في أمرهم؛ والكيد من الخلق هو: الحيلة، ومن الله: التدبير بالحق. وقوله: * (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) معناه: ما كان يوسف ليجازي أخاه في حكم الملك، وقيل: في عادة الملك. قال الشاعر:
(أقول وقد درأت لها وضيني * أهذا دينه أبدا وديني) و ' ما ' هاهنا للنفي. وقوله: * (إلا أن يشاء الله) معناه: إلا بمشيئة الله يعني: فعل ما فعل بمشيئة الله تعالى. وقوله: * (نرفع درجات من نشاء) قال هذا في هذا الموضع؛ لأنه رفع درجة يوسف على درجتهم في العلم والملك والعقل وغيره. وقيل:
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»