* (يستهزءون (34) وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا) * * عملوا، وقيل: جزاء السيئات التي عملوا. وقوله: * (وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) معناه: نزل بهم، وأحاط بهم ما كانوا به يستهزئون.
قوله تعالى: * (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء).
ومعنى التحريم المذكور في الآية هو ما حرموا من البحيرة والوصيلة والسائبة والحام، وقد احتجت القدرية بهذه الآية، ووجه احتجاجهم أن المشركين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، [* (ولا حرمنا من دونه من شيء)] ثم إن الله تعالى قال في آخر الآية: * (كذلك فعل الذين من قبلهم) ردا وإنكارا عليهم، فدل على أن الله تعالى لا يشاء الكفر، وأنهم فعلوا ما فعلوا بغير مشيئة الله.
والجواب عنه: ذكر الزجاج وغيره أنهم قالوا هذا القول على طريق الاستهزاء لا على طريق التحقيق، ولو قالوا على طريق التحقيق لكان قولهم موافقا لقول المؤمنين، وهذا مثل قوله تعالى في قصة شعيب: * (إنك لأنت الحليم الرشيد) فإنهم قالوا هذا على طريق الاستهزاء لا على طريق التحقيق، وكذلك قوله تعالى في سورة يس، * (وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) وهذا إنما قالوه على طريق الاستهزاء؛ لأنه في نفسه قول حق يوافق قول المؤمنين، كذلك هاهنا قالوا ما قالوا على طريق الاستهزاء؛ فلهذا أنكر الله تعالى عليهم، ورد قولهم، والدليل على أن المراد من هذا ما ذكر من بعد وسنبين.
وقوله: * (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) يعني: ليس إليهم الهداية والإضلال، وإنما عليهم التبليغ.