تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
* (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم) * * وقوله: * (بغير علم) معناه: أنهم رجعوا إلى محض التقليد من غير دليل، ومنهم من قال معناه: أنهم دعوهم إلى الضلال من غير حجة. وقوله: * (ألا ساء ما يزرون) معناه: ألا بئس ما يحملون من الذنوب.
قوله تعالى: * (قد مكر الذين من قبلهم) معناه: قد أشرك الذين من قبلهم، وقيل: المكر هو التدبير الفاسد.
وقوله: * (فأتى الله بنيانهم من القواعد) وهذا مذكور على طريق التمثيل، يعني: قلع الله مكرهم من أصله، ورد وبال مكرهم وضرره عليهم، وإلا فليس ثم بنيان ولا أساس ولا سقف.
والقول الثاني في الآية: أن الآية نزلت في نمروذ بن كنعان لما بنى الصرح ليصعد إلى السماء، وفي القصة: أنه بنى قصرا طوله في السماء فرسخان، وقيل: كان خمسة آلاف ذراع وزيادة شيء، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع؛ فبعث الله جبريل - عليه السلام - فرمى برأسه في البحر، ثم خرب الباقي؛ فسقط عليهم وهم تحته، فهذا معنى قوله: * (فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم) وهذا محكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
فإن قيل: قال: * (فخر عليهم السقف من فوقهم) فأيش معنى قوله: * (من فوقهم) وقد فهم المعنى بقوله: * (فخر عليهم السقف)؟ والجواب: أن ذلك مذكور على طريق التأكيد مثل قوله تعالى: * (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم)، ومثل قوله: * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم).
جواب آخر ذكره ابن الأنباري وغيره: أن العرب تقول: خر على فلان بيوته، إذا سقطت، وإن لم يكن تحتها، فإذا قالت: خر على فلان بيته من فوقه يفهم أنه كان
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»