تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
* (البلاغ المبين (35) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (36) إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين (37) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه) * * قوله تعالى: * (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) أي: وحدوا الله واجتنبوا الأصنام. وقوله: * (فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة) معناه: فمنهم من هداه الله للإيمان، ومنهم من وجبت عليه الضلالة، وتركه في الكفر بالقضاء السابق، فهذه الآية تبين أن من آمن بمشيئة الله، وأن من كفر، كفر بمشيئة الله.
وقوله: * (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) معناه: مآل أمر المكذبين ومرجعهم.
قوله تعالى: * (إن تحرص على هداهم) الحرص: طلب الشيء بالجد والاجتهاد: وقوله: * (فإن الله لا يهدي من يضل) قرأ بقراءتين: قرأ أهل الكوفة: ' لا يهدي من يضل ' بفتح الياء الأولى وضم الثانية، وقرأ الباقون: ' لا يهدي من يضل ' بضم اليائين، أما القراءة الأولى فمعناه: لا يهدي الله من أضله، وأما القراءة الثانية فمعناه: فإن من يضله الله لا يهدى، وقيل: لا يقدر أحد على هدايته، قالوا: وهذا أولى القراءتين. وقوله: * (وما لهم من ناصرين) أي: مانعين من العذاب.
قوله تعالى: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) جهد اليمين هو أن يحلف بالله الذي لا إله غيره. وقوله: * (لا يبعث الله من يموت) هذا دليل على أنهم كانوا مستبصرين في كفرهم.
وقوله: * (بلى وعدا عليه حقا) معناه: ليس الأمر كما قالوا، ولكن الله يبعثهم، ثم قال: * (وعدا عليه حقا) أي: واجبا.
وقوله: * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يعني: أن وعد الله حق؛ فإنه إنما يعلمه
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»