تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٨٢
* (يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (61) ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون (62) تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم) * * وقوله: * (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) يعني: إلى يوم القيامة. وقوله: * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (ويجعلون لله ما يكرهون) يعني: البنات. وقوله: * (وتصف ألسنتهم الكذب) معنى الكذب المذكور هو قولهم: * (أن لهم الحسنى).
وفي الحسنى قولان: أحدهما: أنها البنون، والآخر: أنها الجنة. وقوله: * (لا جرم أن لهم النار) ' لا ' رد لقولهم. وقوله: * (جرم) أي: حقا، وقيل: لا محالة أن لهم النار، وقيل: لا بد، وقد بينا أن رجم بمعنى كسب، وذكرنا عليه الاستشهاد.
وقوله: * (وأنهم مفرطون) أكثر القراء قرأوا بفتح الراء، وقرأ نافع: ' مفرطون ' بالكسر، وقرأ أبو جعفر المدني: ' مفرطون ' بتشديد الراء.
واختلف القول في معنى قوله: * (مفرطون) بفتح الراء، قال سعيد بن جبير ومجاهد: منسيون، وعنهما: متروكون، وقيل: مضيعون، وعن الحسن البصري، مقدمون إلى النار، ومنه الفارط، وهو الذي يتقدم إلى الماء، قال الشاعر:
(استعجلونا فكانوا من صحابتنا * كما تقدم فراط لوراد) وقد ثبت عن النبي أنه قال: ' أنا فرطكم على الحوض ' أي: متقدمكم، واختار الكسائي وأبو عبيدة والفراء معنى قول مجاهد.
وأما قوله: ' مفرطون ' بكسر الراء، هو من الإفراط، يعني: مبالغون في الإساءة، وأما قوله: ' مفرطون ' هو من التفريط، يعني: أنهم مقصرون.
قوله تعالى: * (تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) يعني: والله لقد أرسلنا إلى أمم
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»