* (وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون (111) إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين (112)) * * قوله - تعالى -: * (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل تستطيع ربك) وقرأ الكسائي: ' هل يستطيع ' - بالتاء - ' ربك ' بفتح الباء، وهذه قراءة علي، ومعاذ وعائشة، وكانت عائشة تحلف أن الحواريين أعرف بالله من أن يقولوا: هل يستطيع ربك.
ولقراءتهم معنيان: أحدهما: أن المراد به هل تسأل ربك، والثاني: هل تستدعي طاعة ربك بإجابته سؤالك إياه؟ وأما القراءة المعروفة ففي معناها أقوال:
أحدها معناه: هل يفعل ربك. وقال الفراء: يقول الرجل لغيره: هل تستطيع أن تفعل كذا، يريد به: هل تفعل كذا؟.
والثاني معناه: هل يطيع ربك استطاع بمعنى أطاع، كقولهم: استجاب، يعني: أجاب، فيكون معناه: هل يطيعك ربك؛ بإجابة سؤالك، وفي الآثار: ' من أطاع الله أطاعه الله ' أي: يجيب دعاءه.
وقيل: إن الحواريين قالوا ذلك قبل استحكام المعرفة، وأراد به: القدرة، ولو استحكمت معرفتهم لم يقولوا ذلك، والصحيح أحد القولين الأولين، وهذا لأن الاستطاعة لا تنسب إلى الله غالبا؛ وإنما يوصف بالقدرة، وأما الاستطاعة تكون للعبد.
وقوله: * (أن ينزل علينا مائدة من السماء) اعلم أن المائدة: اسم لما يكون عليه طعام؛ فإذا لم يكن عليه طعام لا يسمى مائدة، واختلفوا في اشتقاق المائدة: منهم من قال: هي من الميد، بمعنى الإعطاء، ومنه: قالوا لأمير المؤمنين: الممتاد، يعني: الذي يطلب عطاؤه؛ فعلى هذا سميت مائدة؛ لأنها تعطي من عليها الطعام.
وقيل: هو من [الميد] بمعنى الحركة؛ فعلى هذا سميت مائدة؛ لأنها تتحرك بما