تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١١
ومعنى قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم) أي: في الشرائع والأحكام؛ لأنها نزلت بعد استقرار الشرائع والأحكام، وقيل: لم ينزل بعد هذه الآية شيء من الأحكام حتى قيل: إن قوله: * (يستفتونك) في آية الكلالة، إنما نزل قبل هذه الآية، وقيل: بعدها.
واعلم أن الشرائع لم تنزل جملة، وإنما نزلت شيئا فشيئا، فإن في الابتداء حين كان بمكة كان الواجب الإتيان بالشهادتين، والإيمان بالبعث، والجنة والنار، وركعتين غدوة، وركعتين عشية، وأن يكفوا أيديهم عن القتال، ويصبروا على أذى المشركين، فلما كان ليلة المعراج - وهي قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا - فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة، ثم ردت إلى خمس صلوات، كما عرف في القصة، ثم لما هاجر إلى المدينة، فرض الله عليه الجهاد، والزكاة، ثم الصوم سنة الثالث من الهجرة، وفرض الحج سنة السابع من الهجرة، ثم فتح مكة، فلما حجة الوداع؛ أنزلت هذه الآية سنة عشر من الهجرة، ولم ينزل بعدها شيء من الأحكام كما بينا، وعاش بعد ذلك رسول الله إحدى وثمانين ليلة، وتوفي في اليوم الثاني من ربيع الأول، وقيل: توفي في الثاني عشر من ربيع الأول، وهذا أصح.
وكانت هجرته في الثاني عشر من ربيع الأول أيضا، واستكمل عشر سنين، وخرج من الدنيا.
وفيه قول آخر: أن معنى قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم) أي: أمنتكم من العدو، وأظهرت دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا، روت عائشة عن النبي أنه قال: ' يقول الله - تعالى -: إني نظرت في الأديان فارتضيت لكم الإسلام دينا؛ فأكرموه بالسخاء، وحسن الخلق ما صحبتموه، فإن
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»