تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٨
* (كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (36) إنما النسيء زيادة في الكفر * * وقد صح عن النبي برواية أبي بكرة أنه قال: ' ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم 000 ' الخبر.
قوله: * (ذلك الدين القيم) أي: ذلك الحساب الصحيح.
قوله: * (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) اختلفوا في هذا على قولين:
أحدهما: أن قوله: * (فلا تظلموا فيهن) ينصرف إلى الأشهر الأربعة.
والثاني أنه منصرف إلى جميع أشهر السنة، وهذا محكي عن ابن عباس.
وأما الظلم في هذا الموضع: فهو ترك الطاعة وفعل المعصية.
وقوله: * (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلوكم كافة) أي: قاتلوا جميع المشركين كافة كما قاتلوا جميعكم.
قوله: * (واعلموا أن الله مع المتقين) من الظلم بالنصرة والظفر.
قوله تعالى: * (إنما النسيء زيادة في الكفر) قرىء بغير الهمز، والمشهور بالهمزة. قال أهل العربية: وهو الأصح، والنسيء: هو التأخير، يقال نسأ الله في أجلك أي: أخر.
وسبب نزول الآية: أن أهل الجاهلية كانوا يجعلون المحرم مرة حلالا ومرة حراما، فإذا أحلوا المحرم أبدلوا الصفر بالتحريم، وكان السبب في ذلك أن عامة معايشهم كانت بالغارات والقتال والسيوف، فكان يشق عليهم أن يكفوا عن القتال ثلاثة أشهر متوالية، وكان الذي يتولى التحليل والتحريم رجل من بني كنانة يقال له: أبو ثمامة، ورثه عن آبائه، وكان يقوم على ناقة ويقول: أيها الناس، أنا لا أعاب ولا أحاب ولا يرد قضاء قضيته، أما إني قد أحللت المحرم وحرمت الصفر العام، قال رجل منهم: ألسنا الناسئين على معد شهور الحل يجعلها حراما. فهذا هو معنى النسىء المذكور في الآية.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»