قال الحسين بن واقد: أخبرني يزيد بن عكرمة وإسماعيل بن أبي خالد وأشياخ من أهل الكوفة قالوا: تنظر إلى ربها نظرا، وقال الحسن: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق، وقال عطية العوفي: ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته وبصره يحيط بهم، فذلك قوله سبحانه: " * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) *) ودليل هذا التأويل ما أخبرنا الحسن بن فنجويه قال: حدثنا ابن ماجة قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن مندة الأصفهاني قال: حدثنا الحسين بن حفص قال: حدثنا إسرائيل بن يونس عن ثوير بن أبي ناختة قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف عام، وإن أكرمهم على الله لمن ينظر إلى وجهه تبارك وتعالى غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله (عليه السلام) * * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) *)).
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا أبو النفخ محمد بن الحسن الأزدي الموصلي قال: حدثني أحمد بن عيسى بن السكين قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي قال: حدثنا قال: أخبرنا رباح بن زيد الصنعاني قال: أخبرني ابن جريح قال: أخبرني زياد بن سعد أن أبا الزبير أخبره عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتجلى ربنا عز وجل حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول: إرفعوا رؤسكم فليس هذا بيوم عبادة).
وروى الحسن عن عمار بن ياسر قال: كان من دعاء النبي (عليه السلام): (اللهم أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة) يعني أنها تنتظر الثواب من ربها ولا تراه من خلفه شي.
قلت: وهذا تأويل مدخول؛ لأن العرب إذا أرادت بالنظر الانتظار قالوا: نظرته، كما قال الله سبحانه: " * (فهل ينظرون إلا الساعة) *) هل ينظرون إلا نار الله؟ " * (وما ينظرون إلا صيحة واحدة) *) وإذا أردت به التفكر والتدبير قالوا: نظرت فيه فأما إذا كان النظر مقرونا بذكر إلى وذكر الوجه فلا يكون إلا بمعنى الرؤية والعيان.
" * (ووجوه يومئذ باسرة) *) عابسة كالحة متغيرة مسودة " * (تظن أن يفعل بها فاقرة) *) قال مجاهد: داهية، سعيد بن المسيب: قاصمة الظهر وأصلها الفقرة والفقار، يقال: فقره إذا كسر فقاره، كما يقال: رأسه إذا ضرب رأسه، وقال قتادة: الفاقرة: الشر، وقال ابن زيد: تعلم أنها