تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٧٩
سمير وحاطب، وكان سمير قتل حاطبا، فجعل الأوس والخزرج يقتتلون إلى أن أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه هذه الآية، وأمر نبيه، والمؤمنين أن يصلحوا بينهم.
وروى سفيان عن السدي، قال: كانت امرأة من الأنصار يقال لها: أم زيد تحت رجل، وكان بينها، وبين زوجها شيء، فرمى بها إلى علية، وحبسها فيها، فبلغ ذلك قومها فجاءوا، وجاء قومه، فاقتتلوا بالأيدي، والنعال، فأنزل الله سبحانه تعالى: " * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) *) الآية.
" * (فأصلحوا بينهما) *) بالدعاء إلى حكم كتاب الله سبحانه، والرضا بما فيه لهما، وعليهما. " * (فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء) *) ترجع " * (إلى أمر الله) *) وأبت الإجابة إلى حكم الله تعالى له، وعليه في كتابه الذي جعله عدلا بين خلقه. " * (فإن فاءت) *) رجعت إلى الحق " * (فأصلحوا بينهما بالعدل) *) بحملهما على الإنصاف والرضى بحكم الله، وهو العدل، " * (وأقسطوا) *) واعدلوا. " * (إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة) *) في الدين، والولاية " * (فأصلحوا بين أخويكم) *) إذا اختلفا، واقتتلا، وقرأ ابن سيرين، ويعقوب. بين (اخوتكم) (بالتاء) على الجمع، وقرأ الحسن (إخوانكم) (بالألف) و (النون). " * (واتقوا الله) *) فلا تعصوه ولا تخالفوا أمره " * (لعلكم ترحمون) *).
قال أبو عثمان البصري: أخوة الدين أثبت من أخوة النسب، فإن اخوة النسب تنقطع لمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب. وسئل الجنيد عن الأخ، فقال: هو أنت في الحقيقة إلا إنه غيرك في الشخص. أخبرني ابن منجويه، قال: حدثنا عمر بن الخطاب. قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسوحي. قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا أبو عاصم. قال: حدثنا إسماعيل بن رافع، عن ابن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يعيبه، ولا يخذله، ولا يتطاول عليه في البنيان، فيستر عليه الريح إلا بإذنه، ولا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يعرف له، ولا يشتري لبنيه الفاكهة، فيخرجون بها إلى صبيان جاره، ولا يطعمونهم منها).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (احفظوا، ولا يحفظه منكم إلا قليل).
وفي هاتين الآيتين دليل على ان البغي لا يزيل اسم الإيمان، لأن الله سبحانه وتعالى سماهم أخوة مؤمنين مع كونهم باغين، عاصين. يدل عليه ما روى الأعور أن علي بن أبي طالب ح سئل وهو القدوة في قتال أهل البغي، عن أهل الجمل، وصفين، أمشركون هم؟
فقال: لا، من الشرك فروا. فقيل: أهم منافقون؟ فقال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قيل: فما حالهم؟ قال: إخواننا بغوا علينا
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»