تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٦
الرجل، قال: فانطلق الأبيض فتعرض لرجل فخنقه ثم جاءه في صورة رجل متطبب فقال لأهله: إن بصاحبكم جنونا فأعالجه؟
قالوا: نعم، فقال لهم: إني لا أقوى على جنيته ولكن سأرشدكم إلى من يدعو الله عز وجل فيعافى، فقالوا له: دلنا، فانطلقوا إلى برصيصا فإن عنده أسم الله الذي إذا دعى به أجاب، قال: فانطلقوا إليه فسألوه ذلك فدعا بتلك الكلمات فذهب عنه الشيطان، وكان يفعل الأبيض بالناس مثل، من مكانك قال: وما هي؟ قال: تسجد لي، قال: أفعل، فسجد له، فقال: يا برصيصا هذا الذي أردت منك صارت عاقبة أمرك إلى أن كفرت بربك فلما كفر قال: " * (إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين) *) يقول ا لله سبحانه: " * (فكان عاقبتهما) *) يعني الشيطان وذلك الإنسان " * (أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين) *).
قال ابن عباس: فضرب الله هذا المثل ليهود بني النضير والمنافقين من أهل المدينة، وذلك أن الله سبحانه أمر نبيه (عليه السلام) أن يخلي بني النضير عن المدينة، فدس المنافقون إليهم، فقالوا: لا تجيبوا محمدا إلى مادعاكم ولا تخرجوا من دياركم فإن قاتلكم كنا معكم وإن أخرجكم خرجنا معكم. قال: فأطاعوهم فدربوا على حصونهم وتحصنوا في ديارهم رجاء نصر المنافقين حتى جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فناصبوه الحرب يرجون نصر المنافقين فخذلوهم وتبرؤوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا وخذله.
قال ابن عباس: فكانت الرهبان بعد ذلك في بني إسرائيل لا يمشون إلا بالتقية والكتمان وطمع أهل الفجور والفسق في الأحبار فرموهم بالبهتان والقبيح، حتى كان أمر جريج الراهب، فلما برأ الله جريجا الراهب مما رموه به فانبسطت بعدها الرهبان وظهروا للناس.
" * (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله) *) بأداء فرائضه واجتناب معاصيه " * (ولتنظر نفس ما قدمت لغد) *) يعني يوم القيامة " * (واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله) *) أي نسوا حق الله وتركوا أمره " * (فأنساهم أنفسهم) *) يعني حظ أنفسهم أن يقدموا لها خيرا " * (أولئك هم الفاسقون لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) *) وركبنا فيه العقل " * (لرأيته) *) في صلابته ورزانته " * (خاشعا) *) ذليلا خاضعا " * (متصدعا) *) يعني متشققا " * (من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون هو الله الذي لا اله إلا هو عالم الغيب) *) وهو ما غاب عن العباد مما لم يعاينوه ولم يعلموه " * (والشهادة) *) وهي ماعلموه وشاهدوه، وقال الحسن: يعني السر والعلانية.
" * (هو الرحمان الرحيم هو الله الذي لا إله هو الملك) *) وهو ذو الملك وقيل: القادر على
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»