تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٥
" * (فامتحنوهن) *) قال ابن عباس: إمتحانهن أن يستحلفهن ماخرجت من بغض زوح وما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض وما خرجت التماس دنيا وما خرجت إلا حبا لله ورسوله، فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خرجت بغضا لزوجها ولا عشقا لرجل منا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام، فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه، فتروجها عمر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد من جاء من الرجال ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحن ويعطي أزواجهن مهورهن، فلذلك قوله سبحانه: " * (فإن علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهن) *) يعني أزواجهن الكفار ما انفقوا عليهن من المهر " * (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن) *) مهورهن وأن كن لهن أزواج كفار في دار الكفر؛ لأنه فرق بينهما الإسلام إذا استبرئت أرحامهن.
" * (ولا تمسكوا) *) قراءة العامة بالتخفيف من الإمساك، وتكون الباء صلة مجازه: ولا تمسكوا عصم الكوافر وقرأ الحسن أبو عمرو ويعقوب وأبو حاتم بالتشديد من التمسك وقال: مسكت بالشيء وتمسكت به، والعصم جمع العصمة وهي ما اعتصم به من العقد والمسك، والكوافر: جمع كافرة. نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، وأمرهم بفراقهن قال ابن عباس: يقول لا تأخذوا بعقد الكوافر ممن كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها فقد انقطعت عصمتها منه وليست له بامرأة، وإن جاءتكم امرأة مسلمة من أهل مكة ولها بها زوج كافر فلا تعتدن به فقد انقطعت عصمته منها.
قال الزهري: فلما نزلت هذه الآية طلق عمر بن الخطاب ح امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت عمر بن حروا الخزاعية أم عبد الله بن عمر، فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما، وكانت عند طلحة بن عبيد الله بن عثمان ابن عمرو التيمي أروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر، وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة على دين قومها ثم تزوجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، فكانت ممن فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نساء الكفار فحبسهما وزوجها خالدا، وأميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الدحداحة ففرت منه وهو يومئذ كافر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل بن حنيف، فولدت عبد الله بن سهل.
قال الشعبي: وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبي العاص بن الربيع فأسملت
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»