تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٣١
" * (ولا مجنون) *) نزلت هذه الآية في الخراصين الذين اقتسموا عقاب مكة، يصدون الناس عن الإيمان، ويرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والجنون والسحر والشعر. فذلك قوله سبحانه:
" * (أم يقولون) *) يعني هؤلاء المقتسمين الخراصين " * (شاعر نتربص به ريب المنون) *) حوادث الدهر فيكفينا أمره بموت أو حادثة متلفة فيموت ويتفرق أصحابه، وذلك أنهم قالوا: ننتظر به ملك الموت فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة وفلان وفلان، إنما هو كأحدهم، وإن أباه توفي شابا، ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه.
والمنون يكون بمعنى الدهر، ويكون بمعنى الموت، سميا بذلك لأنهما ينقصان ويقطعان الأجل، قال الأخفش: لأنهما يمنيان قوى الانسان ومنيه أي ينقصان، وأنشد ابن عباس:
تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوما أو يموت حليلها " * (قل تربصوا فإني من المتربصين) *) حتى يأتي أمر الله فيكم.
" * (أم تأمرهم أحلامهم) *) عقولهم " * (بهذا) *) وأنهم كانوا يعدون في الجاهلية أهل الأحلام ويوصفون بالعقل، وقيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله سبحانه بالعقول؟. فقال: تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها التوفيق. " * (أم هم) *) بل هم " * (قوم طاغون) *).
" * (أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون) *) استكبارا.
" * (فليأتوا بحديث مثله) *) أي مثل هذا القرآن يشبهه " * (إن كانوا صادقين) *) أن محمدا تقوله من تلقاء نفسه، فإن اللسان لسانهم، وهم مستوون في البشرية واللغة والقوة.
" * (أم خلقوا من غير شيء) *) قال ابن عباس: من غير رب، وقيل: من غير أب ولا أم، فهم كالجماد لا يعقلون، ولا يقوم لله عليهم حجة، أليسوا خلقوا من نطفة ثم علقة ثم مضغة؟ قاله ابن عطاء، وقال ابن كيسان: أم خلقوا عبثا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون، وهذا كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء يعني لغير شيء. " * (أم هم الخالقون) *) لأنفسهم.
" * (أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك) *) قال ابن عباس: المطر والرزق، وقال عكرمة: يعني النبوة، وقيل: علم ما يكون " * (أم هم المسيطرون) *) المسلطون الجبارون. قاله أكثر المفسرين، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس، وقال عطاء: أرباب قاهرون، وقال أبو عبيدة: يقال: خولا تسيطرت علي: اتخذتني، وروى العوفي عن ابن عباس: أم هم المنزلون
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»