تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٩٧
فسار بمن اصطحبه إلى اليمن، فسلك المدينة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال سليمان: هذه دار هجرة نبى في آخر الزمان، طوبى لمن آمن به، وطوبى لمن اتبعه، وطوبى لمن اقتدى به، ورأى حول البيت أصناما تعبد من دون الله سبحانه، فلما جاوز سليمان البيت بكى البيت فأوحى الله سبحانه إلى البيت: ما يبكيك؟ فقال: يا رب أبكاني هذا نبي من أنبيائك وقوم من أولياءك مروا علي، فلم يهبطوا في ولم يصلوا عندي ولم يذكروك بحضرتي، والأصنام تعبد حولي من دونك، فأوحى الله سبحانه إليه أن لا تبك وإني سوف أملأك وجوها سجدا، وأنزل فيك قرآنا جديدا، وأبعث منك نبيا في آخر الزمان أحب أنبيائي إلي، وأجعل فيك عمارا من خلقي يعبدونني وأفرض على عبادي فريضة يرفون إليك رفة النسور إلى وكرها و يحنون إليك حنين الناقة إلى ولدها والحمامة إلى بيضتها، وأطهرك من الأوثان وعبدة الشيطان.
قال: ثم مضى سليمان حتى مر بوادي السدير، واد من الطائف فأتى على وادي النمل فقالت نملة تمشي، وكانت عرجاء تتكاوس، وكانت مثل المذنب في العظم، فنادت النملة " * (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) *) يعني أن سليمان يفهم مقالتها وكان لا يتكلم خلق إلا حملت الريح ذلك فألقته في مسامع سليمان (عليه السلام).
قال " * (فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني) *) إلى قوله " * (في عبادك الصالحين) *) يعني مع عبادك الموحدين.
وقال قتادة ومقاتل: وادي النمل بأرض الشام قال نوف الحميري: كان نمل وادي سليمان مثل الذباب.
وقال الشعبي: النملة التي فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين.
قال مقاتل: سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال. واختلفوا في اسم تلك النملة.
فأخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الحسني الدينوري قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن يوسف الصرصري قال: حدثنا الهيثم بن خلف الدوري قال: حدثنا هارون بن حاتم البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن الزبرقان التيمي عن أبي روق عن الضحاك قال: كان اسم النملة التي كلمت سليمان بن داود (عليه السلام) طاحية.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا طلحة وعبيد الله قالا: حدثنا ابن مجاهد قال: حدثني الفضل بن الحسن قال: حدثنا أبو محمد النعمان بن شبل الباهلي قال: حدثنا ابن أبي روق عن أبيه قال: كان اسم نملة سليمان حرمي، وهو قول مقاتل.
ورأيت في بعض الكتب أن سليمان لما سمع قول النملة قال: ائتوني بها، فأتوه بها فقال لها: لم حذرت النمل ظلمي؟ أما علمت أني نبي عدل؟ فلم قلت: لا يحطمنكم سليمان وجنوده
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»