تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٢
وكان يملك أرض اليمن كلها وكان يقول لملوك الأطراف: ليس أحد منكم كفوا لي، فأبى أن يتزوج فيهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن، فولدت له تلمقة وهي بلقيس ولم يكن له ولد غيرها.
ويصدق هذا ما أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن بشر قال: حدثنا محمد بن حريم بن مروان قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشر بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان أحد أبوي بلقيس جنيا.
قالوا: فلما مات أبو بلقيس ولم يخلف ولدا غيرها طمعت في الملك وطلبت من قومها أن يبايعوها فأطاعها قوم وعصاها آخرون، فاختاروا عليها رجلا فملكوه عليهم، وافترقوا فرقتين كل فرقة منها استولت بملكها على طرف من أرض اليمن.
ثم إن هذا الرجل الذي ملكوه أساء السيرة في أهل مملكته حتى كان يمد يده إلى حرم رعيته ويفجر، بهن وأراد أصحابه أن يخلعوه فلم يقدروا عليه، فلما رأت بلقيس ذلك أدركتها الغيرة فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه، فأجابها الملك: والله ما منعني أن ابتديك بالخطبة إلا اليأس منك فقالت: لا أرغب عنك فإنك كفؤ كريم، فاجمع رجال قومي واخطبني إليهم فجمعهم وخطبها إليهم، فقالوا: لا نراها تفعل هذا، فقال لهم: إنما هي ابتدأتني فأنا أحب أن تسمعوا قولها وتشهدوا عليها، فلما جاؤوها وذكروا لها ذلك قالت: نعم أحببت الولد ولم أزل، كنت أرغب عن هذا فالساعة قد رضيت به فزوجوها منه، فلما زفت إليه خرجت في ناس كثير من خدمها وحشمها حتى غصت منازله ودوره بهم، فلما جاءته سقته الخمر حتى سكر ثم حزت رأسه وانصرفت من الليل إلى منزلها، فلما أصبح الناس رأوا الملك قتيلا ورأسه منصوبا على باب دارها، فعلموا أن تلك المناكحة كانت مكرا وخديعة منها فاجتمعوا إليها وقالوا لها: أنت بهذا الملك أحق من غيرك، فقالت: لولا العار والشنار ما قتلته ولكن عم فساده وأخذتني الحمية حتى فعلت ما فعلت فملكوها واستتب أمرها).
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن خديجة قال: حدثنا ابن أبي الليث ببغداد قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أبي بكرة قال: ذكرت بلقيس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»