وسلط عليهم الحر حتى أخذ بأنفاسهم ولم ينفعهم ظل ولا ماء، وكانوا يدخلون الأسراب ليتبردوا فيها فإذا دخلوها وجدوها أشد حرا من الظاهر، فخرجوا هرابا إلى البرية فأظلتهم سحابة وهي الظلة، فوجدوا لها بردا ونسيما فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أمطرت عليهم نارا فاحترقوا.
قال قتادة: بعث الله سبحانه شعيبا إلى أمتين: أصحاب الأيكة وأهل مدين، فأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة وأما أهل مدين فأخذتهم الصيحة، صاح بهم جبرئيل صيحة فهلكوا جميعا.
أخبرني الحسين بن محمد قال: حدثنا موسى بن محمد قال: حدثنا الحسن بن علوية قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا المسيب عن برد الجريري قال: سلط الحر عليهم سبعة أيام ولياليهن، ثم رفع لهم جبل من بعيد، فأتاه رجل منهم فإذا تحته أنهار وعيون وماء بارد فتمكن تحته وأخذ ما يكفيه ثم جاء إلى أهل بيته فآذنهم فجاؤوا فأخذوا ما يكفيهم وتمكنوا، ثم آذن بقية الناس فاجتمعوا تحته كلهم فلم يغادر منهم أحدا، فوقع ذلك الجبل عليهم فذلك قوله سبحانه " * (فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *)) .
* (وإن ربك لهو العزيز الرحيم * وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الامين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربى مبين * وإنه لفى زبر الاولين * أو لم يكن لهم ءاية أن يعلمه علماء بنىإسراءيل * ولو نزلناه على بعض الاعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين * كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) *) [/ مق] " * (وإنه لتنزيل رب العالمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم * فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون * فيقولوا هل نحن منظرون * أفبعذابنا يستعجلون * أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جآءهم ما كانوا يوعدون * مآ أغنى عنهم ما كانوا يمتعون * ومآ أهلكنا من قرية إلا لها منذرون * ذكرى وما كنا ظالمين * وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغى لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون * فلا تدع مع الله إلاها ءاخر فتكون من المعذبين * وأنذر عشيرتك الاقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إنى برىء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذى يراك حين تقوم * وتقلبك فى الساجدين * إنه هو السميع العليم) *) يعني القرآن " * (نزل به الروح الأمين) *) قرأ الحجازيون وأبو عمر بتخفيف الزاي ورفع الحاء والنون يعنون جبرئيل (عليه السلام) بالقرآن، وقرأ الآخرون بتشديد الزاي وفتح الحاء والنون أي نزل الله جبرئيل (عليه السلام)، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم لقوله " * (وإنه لتنزيل) *) وهو مصدر نزل، على قلبك يا محمد حتى وعيته.