أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النار، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره)، ثم قرأ أبو عبيدة " * (أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين) *).
وقيل معناه: بورك من في النار سلطانه وقدرته وفيمن حولها.
وقال آخرون: هذا التبريك عائد إلى موسى والملائكة، ومجاز الآية: بورك من في طلب النار وقصدها بالقرب منها، وهذا كما يقال: بلغ فلان البلد إذا قرب منه، وورد فلان الماء لا يريدون أنه في وسطه، ويقال: أعط من في الدار، يريدون من هو فيها مقيم أو شريك وإن لم يكن في الوقت في الدار، ونحوها كثير.
ومعنى الآية: بورك فيك يا موسى وفي الملائكة الذين حول النار، وهذا تحية من الله سبحانه لموسى وتكرمة له كما حيا إبراهيم على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه فقالوا: " * (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت) *).
وقال بعضهم: هذه البركة راجعة إلى النار نفسها.
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: معناه بوركت النار، ودليل هذا التأويل ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن نجدة قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت أبيا يقرؤها: أن بوركت النار ومن حولها، وتقدير هذا التفسير أن (من) تأتي في الكلام بمعنى (ما)، كقوله سبحانه " * (ومن لستم له برازقين) *) وقوله " * (فمنهم من يمشي على بطنه) *) الآية و (ما) قد تكون صلة في كثير من المواضع كقوله " * (جند ما هنالك) *) و " * (عما قليل) *) فمعنى الآية بورك في النار وفيمن حولها وهم الملائكة وموسى (عليه السلام)، فسمى النار مباركة كما سمى البقعة مباركة فقال في " * (البقعة المباركة) *).
وأما وجه قوله " * (بورك من في النار) *) فإن العرب تقول: باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك وبارك لك، أربع لغات، قال الشاعر:
فبوركت مولودا وبوركت ناشيا وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب