تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٧٢
وكيف يأخذان وقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرا بثعلبة بن حاطب ورجل من بني سليم فخذا صدقاتهما).
فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وقرءا له كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي، فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله، فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بها فلما زادها قالا: ما هذا عليك، قال: خذاه فإن نفسي بذلك طيبة، فمرا على الناس وأخذا الصدقات، ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه ثم قال: ما هذه إلا جزية، ما هذه الا أخت الجزية، إذهبا حتى أرى رأيي، قال: فأقبلا فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتكلما قال: (يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة) ثم دعا للسلمي بخير فأخبراه بالذي صنع ثعلبة، فأنزل الله فيه " * (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن) *) إلى قوله " * (وبما كانوا يكذبون) *) وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع قوله فخرج حتى أتاه فقال: ويحك ياثعلبة قد أنزل الله عز وجل فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه الصدقة.
فقال: (إن الله تعالى منعني أن أقبل منك صدقتك) فجعل يحثي على رأسه التراب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني) فلما نهى أن يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى منزله وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبض ولم يقبل منه شيئا ثم أتى أبا بكر (ح) حين استخلف فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعي من الأنصار فاقبل صدقتي، فقال أبو بكر: لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقبلها؟ فلم يقبل، وقبض أبو بكر فلم يقبلها، فلما ولي عمر (ح) أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، أنا لا أقبلها، فقبض عمر ولم يقبلها، ثم ولي عثمان فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: لم يقبلها منك رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر، أنا لا أقبلها منك، فلم يقبلها منه وهلك في خلافة عثمان.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة: أتى ثعلبة مجلسا من الأنصار فأشهدهم فقال: لئن آتاني الله من فضله أتيت منه كل ذي حق حقه، وتصدقت منه، ووصلت القرابة، فمات ابن عم له فورثه مالا فلم يوف بما قال، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وقال مقاتل: مر ثعلبة على الأنصار وهو محتاج، فقال: لئن آتاني الله من فضله لأصدقن ولأكونن من الصالحين فآتاه الله من فضله وذلك أن مولى لعمر بن الخطاب قتل رجلا من المنافقين خطأ فدفع النبي صلى الله عليه وسلم ديته إلى ثعلبة، وكان قرابة المقتول فبخل ومنع حق الله فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»