فسر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكبروا وتصدقوا بمال عظيم.
وروى القاسم بن بشر عن أسامة عن محمد (المخرمي) قال: سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: (من) إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) فقال الحسن: يا أبا سعيد والله لئن كان لرجل علي دين فلقيني فتقاضاني وليس عندي فخفت أن يحبسني ويهلكني فوعدته أن أقضيه رأس الهلال فلم أفعل أمنافق أنا؟ هكذا جاء الحديث.
ثم حدث عن عبد الله بن عمرو أن أباه لما حضره الموت قال: زوجوا فلانا فإني وعدته أن أزوجه، لا ألقى الله بثلث النفاق، قال: قلت: يا أبا سعيد ويكون ثلث الرجل منافقا وثلثاه مؤمنا؟ قال: هكذا جاء الحديث.
قال محمد: فحججت فلقيت عطاء بن أبي رباح فأخبرته بالحديث الذي سمعته من الحسن وما الذي قلت له عن المنافق وما قال لي: فقال لي أعجزت أن تقول له: أخبرني عن إخوة يوسف ألم يعدوا أباهم فأخلفوه و حدثوه فكذبوه وائتمنهم فخانوه أفمنافقين كانوا ألم يكونوا أنبياء، أبوهم نبي وجدهم نبي؟
فقلت لعطاء: يا أبا محمد حدثني بأصل هذا الحديث، فقال: حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا الحديث في المنافقين خاصة الذين حدثوا النبي صلى الله عليه وسلم فكذبوه وائتمنهم على سره فخانوه ووعدوه أن يخرجوا معه إلى الغزو فأخلفوه، قال: فخرج أبو سفيان من مكة فأتى جبريل فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا فأخرجوا إليه واكتموا) فكتب رجل من المنافقين إليه: إن محمدا يريد بعثكم فأنزل الله عز وجل " * (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم) *) وأنزل في المنافقين " * (ومنهم من عاهد الله لئن أتانا) *) إلى قوله تعالى: " * (بما كانوا يكذبون) *). قال: إذا أتيت الحسن فاقرأه مني السلام فأخبره أصل هذا الحديث وبما قلت لك.
فقدمت على الحسن وقلت: يا أبا سعيد إن أخاك محمدا يقرئك السلام، فأخبرته بالحديث الذي حدث. فأخذ الحسن يدي فأحالها وقال: يا أهل العراق أعجزتم أن تكونوا مثل هذا، سمع منا حديثا فلم يقبله حتى استنبط أصله، صدق عطاء هكذا الحديث في المنافقين خاصة.