تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٣
وقال بعضهم: إنما قال ذلك حين سأل أخاه بنيامين: هل لك ولد؟ قال: نعم، ثلاثة بنين، قال: فما سميتهم؟ قال: سميت الأكبر يوسف قال: ولم؟ قال: محبة لك، لأذكرك به، قال: فما سميت الثاني؟ قال: ذئبا، قال: ولم سميته بالذئب وهو سبع عاقر؟ قال: لأذكرك به، قال: فما سميت الثالث؟ قال: دماء، قال: ولم؟ قال لأذكرك به، فلما سمع يوسف المقالة خنقته العبرة، ولم يتمالك، فقال لإخوته: لما دخلوا عليه: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ فرقتم بينهما وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون، بما يؤول إليه أمر يوسف.
وقيل: يكون المذنب جاهل وقت ذنبه.
قال ابن عباس: إذا أنتم صبيان، الحسن: شبان وهذا غير بعيد من الصواب لأن مظنة الجهل الشباب.
فإن سئل عن معنى قول يوسف " * (ما فعلتم بيوسف وأخيه) *) وقيل ما كان عنهم إلى أخيه وهم لم يسعوا في حبسه، فالجواب أنهم لما أطلقوا ألسنتهم على أخيهم بسبب الصاع (حبس) وقالوا: ما رأينا منكم يا بني راحيل كما ذكرناه، فعاتبهم يوسف على ذلك. وقيل: إنهما لما كانا من أم واحدة وكانوا يؤذونه بعد فقد يوسف فعاتبهم على ذلك.
" * (قالوا أئنك لاانت يوسف) *): قرأ ابن محصن وابن كثير: إنك على الخبر، وقرأ الآخرون على الاستفهام، ودليلهم قراءة أبي بن كعب أو أنت يوسف، قال ابن إسحاق: لما قال يوسف لأخوته " * (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه) *) الآية، كشف عنهم الغطاء ورفع الحجاب فعرفوه، فقالوا: إنك لأنت يوسف، جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، قال: قال يوسف: هل علمتم ما فعلتم بيوسف؟ ثم تبسم، وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم، فلما أبصروا ثناياه شبهوه بيوسف، فقالوا له استفهاما: إنك لأنت يوسف؟، ابن سمعان عن عطاء عن ابن عباس قال: إن إخوة يوسف لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه، وكان في قرنه علامة، وكان ليعقوب مثلها، وكان لإسحاق مثلها، وكان لسارة مثلها شبه الشامة البيضاء، فلما قال لهم: (هل) علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ورفع التاج عنه، فعرفوه فقالوا: إنك لأنت يوسف.
" * (قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا) *) بأن جمع بيننا بعدما فرقتم " * (إنه من يتق الله) *) بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ويصبر عما حرم الله عليه، قال ابن عباس: يتق الزنا ويصبر على العزوبة، مجاهد: يتق معصية الله ويصبر على السجن " * (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) *)، ف " * (قالوا) *) مقرين معتذرين: " * (تالله لقد آثرك الله علينا) *) اختارك الله علينا بالعلم والحكم والعقل والفضل والحسن والملك " * (وإن كنا لخاطئين) *) وإن كنا في صنيعنا بك
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»