تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٨
فلما كان الليل أمر لهم بمثل أي فرش، فقال: لينم كل أخوين منكم على مثال، فلما بقي بنيامين وحده، قال يوسف (عليه السلام): هذا ينام معي على فراشي فبات معه فجعل يوسف يضمه إليه ويشم خده حتى أصبح فجعل روبيل يقول: ما رأينا مثل هذا، فلما أصبح قال لهم: إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثان فسأضمه إلي فيكون منزله معي، ثم أنزلهم (معه)، وأجرى عليهم الطعام والشراب وأنزل أخاه لأمه معه فذلك، قوله تعالى: " * (آوى إليه أخاه) *) فلما خلا به قال له: ما اسمك؟ قال: بنيامين.
قال ابن من يا بنيامين؟ قال: ابن المثكل، وذلك أنه لما ولد هلكت أمه، قال: وما اسمها؟ قال: راحيل بنت لاوي بن ناحور، قال: فهل لك بنون؟ قال: نعم، عشر بنين وقد اشتققت أسماءهم من اسم أخ لي من أمي هلك، قال: لقد اضطرك إلى ذاك حزن شديد، قال: فما سميتهم؟ قال: بالعا وأحيرا وأثكل وأحيا وكنر ونعمان وادر وأرس وحيتم وميثم، قال فما هذه؟ قال: إما بالعا فإن أخي قد ابتلعته الأرض، وأما أخيرا فإنه بكر أبي لأمي، وأما أثكل فإنه كان أخي لأبي وأمي وسني، وأما كثير فإنه خير حبيب كان، وأما نعمان فإنه ناعم بين أبويه وأما أدر فإنه كان بمنزلة الورد في الحسن، قال: وأما أرس فإنه كان بمنزلة الرأس من الجسد، وأما حيتم فأعلمني أنه حي، وأما ميثم فلو رأيته قرت عيني.
فقال يوسف: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ فقال بنيامين: ومن يجد أخا مثلك؟ ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل، فبكى يوسف (عليه السلام) وقام إليه وعانقه و " * (قال) *) له: " * (إني أنا أخوك) *) يوسف " * (فلا تبتئس) *) فلا تحزن " * (بما كانوا يعملون) *) لشيء فعلوه بنا فيما مضى؛ فإن الله قد أحسن إلينا ولا تعلمهم شيئا مما علمت.
وقال عبد الصمد بن معقل: سمعت وهب بن منبه وسئل عن قول يوسف لأخيه: " * (إني أنا أخوك) *)، فقيل له كيف آخاه حين أخذ بالصواع وقد كان أخبره أنه أخوه، وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرا لهم يكابرهم حتى رجعوا؟
فقال: إنه لم يعترف له بالنسبة ولكنه قال: أنا أخوك مكان أخيك الهالك، ومثله قال الشعبي، قال: لم يقل له: أنا يوسف، ولكن أراد أن يطيب نفسه.
ومجاز الآية أي: أنا أخوك بدل أخيك المفقود فلا تبتئس بما كانوا يعملون فلا تشتك ولا تحزن لشيء سلف من أخوتك إليك في نفسك وفي أخيك من أمك، وما كانوا يفعلون قبل اليوم بك، ثم أوفى يوسف لإخوته الكيل وحمل لهم بعيرا، وحمل لبنيامين بعيرا باسمه كما حمل لهم، ثم أمر بسقاية الملك فجعل في رحل بنيامين، قال السدي: جعل السقاية في رحل أخيه، والأخ لا يشعر.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»