تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٨٢
وقوله: (هن أطهر لكم) قراءة العامة برفع الراء، وقرأ الحسن وعيسى بن عمرو: (أطهر) بالنصب على الحال، فإن قيل: فأي طهارة في نكاح الرجال حتى قال لبناته هن أطهر لكم؟ قيل: ليس هذا زيادة النسل، إنما يقال ليس ألف (أطهر) للتفضيل وهذا سائغ جائز في كلام العرب كقول الناس: الله أكبر، فهل يكابر الله أحد حتى يكون هو أكبر منه؟ ويدل عليه ما روي عن أبي سفيان حين قال يوم أحد: أعل هبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (قل الله أعلى وأجل)، وهبل لم يكن قط عاليا.
" * (واتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي) *) أي لا تهينوني فيهم بركوبهم، وهم لا يركبون، وعجزي من دفعهم عنهم. وقيل: أراد ولا تشهروني بهم. تقول العرب: خزي خزيا إذا افتضح، وخزي يخزي خزاية بمعنى الاستحياء، قال ذو الرمة:
خزاية أدركته بعد جولته من جانب الحبل مخلوطا بها الغضب " * (أليس فيكم رجل رشيد) *) صالح، قال ابن عباس: معناه رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
" * (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) *) أي ليس لنا أزواجا (نلتصقهن) بالتزويج " * (وإنك لتعلم ما نريد) *) من إتيان الأضياف، فقال لهم لوط عند ذلك " * (ولو أن لي بكم قوة) *) أي منعة وشيعة تنصرني " * (أو آوي إلى ركن شديد) *) أي ألجأ وأنضوي إلى عشيرة مانعة، وجواب " * (لو) *) مضمر (تقديره: لرددت أهل الفساد)، وقالوا: ما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الآية قال: (رحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد).
قال ابن عباس وأهل التفسير: أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب، وهم يعالجون تسور الجدار، فلما رأت الملائكة ما لقي لوط من الكرب والنصب بسببهم، قالوا: يا لوط إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود " * (إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) *) فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب ودخلوا، فاستأذن جبريل (عليه السلام) ربه في عقوبتهم فأذن له، فقام في الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان (وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبين، ورأسه (حبك حبك) مثل المرجان وهو اللؤلؤ كأنه ثلج، وقدماه إلى الخضرة فقال: يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، امض يا
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»