وقال الراجز:
يوم عصيب يعصب الأبطالا عصب القوي السلم الطوالا وذلك أن لوطا (عليه السلام) لم يكن يعلم أنهم رسل الله في تلك الحال، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيان الفواحش فخاف عليهم، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه قال قتادة والسدي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام نحو قرية لوط فأتوا لوطا وهو في أرض يعمل فيها، وقد قال الله تعالى لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطا أربع شهادات، واستضافوه فانطلق معهم، فلما خشي عليهم، قال لهم: ما بلغكم، أمر هذه القرية؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا يقول، ذلك أربع مرات، فدخلوا معه منزله، ولم يعلم بذلك أحد إلا أهل بيت لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، وقالت: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط.
" * (وجاءه قومه يهرعون إليه) *) قال ابن عباس وقتادة والسدي: يسرعون، ومجاهد: يهرولون، الضحاك: يسعون، ابن عيينة: كأنهم يدفعون، شمر بن عطية: مشي بين الهرولة والجمزى، الحسن: مشي بين مشيتين، قال أهل اللغة: يقال: أهرع الرجل من برد وغضب أو أهرع إذا أرعد فهو مهرع إذا كان معجلا مسرعا، قال مهلهل:
فجاءوا يهرعون وهم أسارى يقودهم على رغم الأنوف وقال الراجز:
بمعجلات نحوه مهارع " * (ومن قبل كانوا يعملون السيئات) *) أي من قبل مجيء الرسل إلى لوط كانوا يأتون الرجال في أدبارهم، فقال لهم لوط حين قصدوا أضيافه وظنوا أنهم غلمان: " * (يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) *) واختلفوا في معنى قوله، قال محمد بن الفضل: يعني على شريعة الإسلام. وقال تميم: فلعل ذلك إلا إذا كان تزويجه بناته من الكفرة جائزا كما زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنتيه من عتبة بن أبي لهب وأبي العاص بن الربيع قبل الوحي وكانا كافرين، وقال مجاهد وسعيد بن جبير: أراد بقوله بناتي: النساء، وكل نبي أبو أمته. وقرأ بعض القراء " * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) *) وهو أب لهم، وقال بعضهم: كان لهم سيدان مطاعان فأراد أن يزوجهما بنتيه، زعوراء وريثا.