تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٧١
ورسوها أي ثبوتها، جرى يجري جريا ومجرى، ورسا يرسو رسوا ومرسى، مثل ذهب مذهبا وضرب مضربا. قال امرؤ القيس:
تجاوزت أحراسا وأهوال معشر علي حرام لو يسرون مقتلي أي: قتلي.
وقرأ الباقون بضم الميمين، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، ومعناه: بسم الله إجراؤها وإرساؤها، كقوله تعالى " * (أنزلني منزلا مباركا وأدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) *) بمعنى الإنزال والإدخال والإخراج.
" * (إن ربي لغفور رحيم) *) قال الضحاك: كان نوح إذا أراد أن يرسو قال: بسم الله، فرست، وإذا أراد أن تجري قال: بسم الله، فجرت.
" * (وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه) *) كنعان وكان عنيدا وقيل وكان كافرا.
" * (وكان في معزل) *) عنه لم يركب معه الفلك.
" * (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) *) فتهلك، قال له ابنه: " * (سآوي) *) سأصير وأرجع " * (إلى جبل يعصمني) *) يمنعني " * (من الماء) *) ومنه عصام القربة الذي (يربط) رأسها فيمنع الماء أن يسيل منها.
* (قال نوح) * * (لا عاصم اليوم من أمر الله) *) عذاب الله إلا من رحمناه، وأنقذناه منه، ومن في محل رفع، وقيل: في محل النصب ومعناه لا معصوم اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله، كقوله تعالى * (عيشة راضية و) * * (ماء دافق) *) قال الشاعر:
بطيء القيام رخيم الكلام أمسى فؤادي به فاتنا أي مفتونا.
" * (وحال بينهما الموج وكان) *) فصار " * (من المغرقين وقيل) *) بعدما تناهى أمر الطوفان " * (يا أرض ابلعي) *) أي اشربي " * (ماءك ويا سماء أقلعي) *) امسكي " * (وغيض الماء) *) فذهب ونقص ومصدره الغيض والغيوض.
" * (وقضي الأمر) *) أي وفرغ من العذاب " * (واستوت) *) يعني السفينة استقرت ورست وحلت " * (على الجودي) *) وهو جبل بالجزيرة بقرب الموصل ، قال مجاهد: تشامخت الجبال وتطاولت لئلا ينالها الماء فعلا الماء فوقها خمسة عشر ذراعا وتواضع الجودي وتطامن لأمر ربه فلم يغرق، فأرسيت السفينة عليه.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»