تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٩٢
أراد إلى القادم، فحذف اللام عند اللام وتكون " * (ما) *) بمعنى من تقديره لممن يوفينهم، كقول الشاعر:
وأني لما أصدر الأمر وجهه إذا هو أعيا بالسبيل مصادره وقيل: أراد وأن كلا لما بالتنوين والتشديد، قرأها الزهري بالتنوين أي وإن كلا شديدا وحقا ليوفينهم " * (ربك أعمالهم) *) من قوله تعالى: كلا لما، أي شديدا فحذفوا التنوين وأخرجوه على هذا فعلى، كما فعلوا في قوله: ثم أرسلنا رسلنا تترى، وقرأ نافع وابن كثير بتخفيف النون والميم على معنى إن الثقيلة مخفف، وأنشد أبو زيد:
ووجه مشرق النحر كأن ثدييه حقان أراد كان فخفف ونصب به، و " * (ما) *) صلة تقديره وإن كلا ليوفينهم. وقرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب وحفص وأيوب وخلف بتشديد النون وتخفيف الميم على معنى وأن كلا ليوفينهم، جعلوا " * (ما) *) صلة. وقيل: أرادوا وأن كلا لممن كقوله " * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) *) أي من. وقرأ أبو بكر بن عياش بتخفيف النون وتشديد الميم أراد أن الثقيلة فخففها.
وقيل: " * (أن) *) بمعنى " * (ما) *) الجحد و " * (لما) *) بمعنى " * (إلا) *) تقديره وما كلا إلا ليوفينهم، ولكنه نصب كلا بإيقاع التوفية عليه أي ليوفين كلا وهو أبعد القراءات فيها من الصواب، " * (إنه بما تعملون خبير) *).
" * (فاستقم) *) يا محمد على أمر ربك والعمل به والدعاء إليه " * (كما أمرت) *) أن لا تشرك بي شيئا وتوكل علي مما ينوبك، قال السدي: الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد أمته.
" * (ومن تاب معك) *) فليستقيموا، يعني المؤمنين " * (ولا تطغوا) *) ولا تجاوزوا أمري، وقال ابن زيد: ولا تعصوا الله ولا تخالفوه، وقيل: ولا تتخيروا.
" * (إنه بما تعملون بصير) *) لا يخفى عليه من أعمالكم شيء، قال ابن عباس: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية، ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له: لقد أسرع إليك الشيب، فقال: (شيبتني سورة هود وأخواتها).
" * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) *) قال ابن عباس: ولا تميلوا على غيهم ولا تدهنوا لهم
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»