تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٦
سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ: " * (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفحلون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) *)، ثم قال: الميزان يخفف بمثقال حبة (فيرجح).
ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ولم ينزع منهم النور الذي كان في أيديهم. وروى يحيى بن (شبل) أن رجلا من بني النضير أخبره عن رجل من بني هلال أن أباه أخبره أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: (هم رجال غزوا في سبيل الله عصاة لآبائهم فقتلوا فاعفوا من النار لقتلهم في سبيل الله وحبسوا عن الجنة بمعصية أبائهم فهم آخر من (يدخل) الجنة).
قال شرحبيل بن سعيد: هم قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم، وقال مجاهد: هم قوم صالحون فقهاء علماء، وقال (التميمي) وأبو مجلن: هم ملائكة يعرفون أهل الجنة وأهل النار فقيل لأبي مجلن يقول الله: " * (وعلى الأعراف رجال) *) وتزعم أنت أنهم ملائكة، فقال: إنهم ذكور ليسوا بإناث، قال ابن عباس: هم رجال كانت لهم ذنوب كثيرة، وكان حبسهم أمر الله يقومون على الأعراف " * (يعرفون كلا بسيماهم) *) وروى (صالح مولى الكوفة) أن ابن عباس قال: أصحاب الأعراف أولاد الزنا. وقال أبو العالية: هم قوم يطمعون أن يدخلوا الجنة وما جعل (الله) ذلك الطمع فيهم إلا كرامة يريدها بهم.
وقال عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال: هم قوم رضي عنهم آبائهم دون أمهاتهم أو أمهاتهم دون آبائهم فلم يدخلهم الله الجنة، لأن آباءهم وأمهاتهم غير راضين عنهم ولم يدخلهم النار لرضا آبائهم أو أمهاتهم عنهم فيحبسون على الأعراف إلى أن يقضي الله عز وجل بين الخلق ثم يدخلهم الجنة، وقال عبد العزيز بن يحيى (الكناني): هم الذين ماتوا (بالفقر) ولم يبدلوا دينهم، وفي تفسير المنجوني: إنهم أولاد المشركين.
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت محمد بن محمد بن الأشعب يحكي عن بعضهم أنهم أناس عملوا لله عز وجل ولكنهم راؤوا في أعمالهم فلا يدخلون النار لأنهم عملوا أعمالهم لله ولا يدخلون الجنة لأنهم طلبوا الثواب من غير الله فيوقفون على الأعراف إلى أن يقضي الله بين الخلق قوله: " * (يعرفون كلا بسيماهم) *).
وروى جويبر بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس في قوله عز وجل " * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) *) قال: (الأعراف موضع عال (من) الصراط عليه العباس وحمزة، وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم بياض الوجوه ومبغظيهم سواد الوجوه)
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»