ما زال مهري مزجر الكلب منهم لدن غدوة حتى دنت لغروب " * (ذرية طيبة) *): نسلا مباركا تقيا صالحا رضيا، والذرية تكون واحدا أو جمعا ذكرا أو أنثى، وهو ههنا واحد يدل عليه قوله: " * (فهب لي من لدنك وليا) *)، ولم يقل أولياء وإنما أنث طيبة؛ لتأنيث لفظ الذرية.
كما قال الشاعر:
أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال فأنث ولدته؛ لتأنيث لفظ الخليفة، فكما قال آخر:
فما تزدري من حية جبلية سكات إذا ما غض ليس بأدردا فأنث الجبلية؛ لتأنيث لفظ الحية ثم رجع إلى المعنى، فقال: غض؛ لأنه أراد حية ذكرا والحية تكون الذكر والأنثى، وإنما جوز هذا فيما لم يقع عليه؛ فلأن من الأسماء كالدابة والذرية والخليفة فإذا سمي بشيء من ذلك رجل هو كان من معنى رجلان، لم يجز تأنيث فعله ولا نعته فلا تقول من ذلك: حدثنا مغير الضبي، ولا يجوز حدثتنا مغيرة الضبية.
" * (إنك سميع الدعاء) *): أي سامعه وقيل مجيبه، لقوله تعالى: " * (إني آمنت بربكم فاسمعون) *): أي فأجيبون. وقولهم: سمع الله لمن حمده: أي أجابه.
وأنشد:
دعوت الله حتى خفت ألا يكون الله يسمع ما أقول: أي بكيت قتادة عن أنس بن مالك قال: قال صلى الله عليه وسلم (أيما رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله عليه مثل أجر عملهم لا ينقص من أجورهم شيئا).
" * (فنادته الملائكة) *): قرأ يحيى وثابت والأعمش وحمزة والكسائي وخلف: فناديه بالياء، وأبو عمارة وأبو عبيدة، وقرأ الباقون: بالتاء وأخياره أبو حاتم: فإذا تقدم الفعل فأنت فيه بالخيار إن شئت أنثت وإن شئت ذكرت، إلا أن من قرأ بالتاء؛ فلأجل تأنيث الملائكة للفظ والجمع مع إن الذكور إذا تقدم فعلهم وهو جماعة كان التأنيث فيه أحسن وأفصح كقوله: " * (قالت الأعراب أمنا) *)، ومن ذكر خلها.