تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
إمضائه يردون غيظهم وحزنهم إلى أجوافهم ويصبرون فلا يظهرون، وأصل الكظم: حبس الشيء عن امتلائه، يقال: كظمت القربة إذا ملأتها، وما يقال لمجاري الماء: كظائم، لامتلائها بالماء وأخذ بها كظامة، ومنه قيل: أخذت بكظمه، يعني بمجاري نفسه، ومنه كظم الإبل وهو حبسها جررها في أجوافها ولا تجتر، وإنما يفعل ذلك من الفزع والجهل.
قال أعشى باهلة يصف رجلا نحارا للإبل وهي تفزع منه:
قد تكظم البزل منه حين تبصره حتى تقطع في أجوافها الجرر ومنه قيل: رجل كظيم ومكظوم إذا كان ممتلئا غضبا وغما وحزنا. قال الله تعالى: " * (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) *) وقال: " * (ظل وجهه مسودا وهو كظيم) *) وقال: " * (إذ نادى وهو مكظوم) *) وقال: " * (إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) *).
وقال عبد المطلب بن هاشم:
فحضضت قومي فاحتبست قتالهم والقوم من خوف المنايا كظم وفي الحديث: (ما من جرعة أحمد عقبانا من جرعة غيظ مكظومة).
وروى سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كظم الغيظ وهو يقدر على إنفاذه دعاه إلله يوم القيامة على رؤس الخلائق حتى يخيره من أي الحور يشاء).
أنشدنا أبو القاسم محمد بن حبيب قال: أنشدنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح قال: أنشدنا ابن أبي الزنجي ببغداد قال: أنشدنا العرجي:
وإذا غضبت فكن وقورا كاظما للغيظ تبصر ما تقول وتسمع فكفى به شرفا تصبر ساعة يرضى بها عنك الإله وترفع أي يرفع قدرك.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»