فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج، قال: (أمن موالي اليهود؟) قالوا: نعم، قال: (أفلا تجلسون حتى أكلمكم؟).
قالوا: بلى، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن، قال: وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام أن يهودا كانوا معهم ببلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل أوثان وشرك، وكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا: إن نبينا الآن مبعوث قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله، فقال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون والله إنه للنبي الذي تدعوكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه، فأجابوه وصدقوه وأسلموا وقالوا: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى الله أن يجمعهم لك وستقدم عليهم فتدعوهم إلى حربهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز عليك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم قد آمنوا. فلما قدموا المدينة ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الاسلام حتى فشاهم فيهم تبق لهم دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار إثنا عشر رجلا وهم أسعد بن زرارة، وعوف ومعوذ ابنا عفراء ورافع بن مالك بن العجلاني الخزرجي وذكوان بن عبد القيس وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وعباس بن عبادة وعقبة بن عامر وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو فهؤلاء خزرجيون، وأبو الهيثم بن التيهان واسمه ملك وعويتم بن ساعدة من الأوس، فلقوه بالعقبة وهي العقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء على أن لا يشركوا بالله شيئا ولا يزنوا إلى آخر الآية ثم قال: (إن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا من ذلك) فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم وإن شاء غفر لكم).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (السخي الجهول أحب إلى الله من العالم البخيل).
عبد السلام بن عبد الله عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (السماح شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا من تعلق بغصن من أغصانها قادته إلى الجنة، والبخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا من تعلق بغصن من أغصانها قادته إلى النار).
" * (والكاظمين الغيظ) *) أي الجامعين الغيظ عند امتلاء أنفسهم منه، والكافين غضبهم عن