فإذا أمكنت فبادر إليها حذرا من تعذر الإمكان ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت قصورا مشرفة على الجنة فقلت يا جبرئيل لمن هذه؟ قال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
" * (وإذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) *) الآية.
قال ابن عباس: قال المؤمنون يا رسول الله كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا، كان أحدهم إذا ذنب ذنبا أصبحت كفارة ذنبهم مكتوبة في عتبة بابه اجدع أنفك وأذنك، افعل كذا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بخير من ذلك) فقرأ عليهم هذه الآيات.
وقال عطاء: نزلت هذه الآية في نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها: إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فهل لك فيه؟ قالت: نعم، فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك فنزلت هذه الآية.
وقال مقاتل والكلبي: آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف، فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله، فاشترى لهم اللحم ذات يوم، فلما أرادت المرأة أن تأخذه منه دخل على أثرها فدخلت المرأة بيتا فتبعها فاتقته بيدها، فقبل يدها ثم ندم وانصرف، فقالت له: والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك، فخرج الأنصاري ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله.
فقالت: لا أكثر الله في الاخوان مثله ووصفت له الحال، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا، وطلبه الثقفي حتى وجده، فأتى به أبا بكر (رضي الله عنه) رجاء أن يجدا راحة عنده فخرجا، وقال الأنصاري: هلكت، قال: وما أهلكك؟ فذكر له القصة، فقال أبو بكر: ويحك أما علمت أن الله تعالى يغار للغازي ما لا يغار للمقيم، ثم لقى عمر (رضي الله عنه) فقال: مثل ذلك، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثل مقالتهما، فأنزل الله تعالى " * (والذين إذا فعلوا فاحشة) *) هي صفة لاسم متروك تقديره: " * (والذين إذا فعلوا فاحشة) *) يعني قبيحة خارجة عما أذن الله فيه، وأصل الفحش القبيح والخروج عن الحد، ولذلك قيل للمفرط في الطول أنه فاحش الطول، والكلام القبيح غير (القصد) فالكلام فاحش والمتكلم به مفحش