قال الشاعر:
يظل من خوفه الملاح معتصما بالخيزرانة بعد الأين والنجد وقال آخر:
إذا أنت جازيت الأخاء بمثله وآسيتني ثم اعتصمت حباليا وقال حميد بن ثور يصف رجلا حمل امرأة بذنبه:
وما كاد لما أن علته يقلها بنهضته حتى أكلان واعتصما " * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) *).
قال مقاتل بن حيان: كان بين الأوس والخزرج في الجاهلية وصال حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأصلح بينهم، فافتخر بعد ذلك منهم رجلان: ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج، فقال الأوسي: منا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ومنا حنظلة غسيل الملائكة، ومنا عاصم بن ثابت بن أفلح حمي الدين، ومنا سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمة له ورضى الله بحكمه في بني قريظة، وقال الخزرجي: منا أربعة أحكموا القرآن: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، ومنا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم فجرى الكلام بينهما فغضبا، فقال الخزرجي: أما والله لو تأخر الإسلام قليلا وقدوم النبي صلى الله عليه وسلم لقتلنا ساداتكم، واستعبدنا آبائكم ونكحنا نسائكم بغير مهر.
فقال الأوسي: قد كان الإسلام متأخرا زمانا طويلا فهلا فعلتم ذلك، فقد ضربناكم حتى أدخلناكم الديار، وأنشدا الأشعار وتفاخرا وتأذيا، فجاء الأوس إلى الأوسي والخزرج إلى الخزرجي ومعهم سلاح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب حمارا وأتاهم فأنزل الله تعالى هذه الآية " * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) *) الآيات، فقرأها عليهم فاصطلحوا.
وقال عطاء: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وقال: (يا معشر المسلمين مالي أوذى في أهلي) يعني الطعن في قصة الإفك، وقال: (ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت منه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي).
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله وأكفيك أمره وأنصرك عليه، إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكنه احتملته الحمية فقال لسعد