تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١١١
عمر فأعجبته فقال: إن الله عز وجل يقول: " * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *) فأعتقها.
وروى حمزة بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال: خطرت على قلبي هذه الآية: " * (لن تنالوا البر...) *) فتذكرت ما أعطاني الله، فما كان شيء أعجب إلي من فلانة فقلت: هي حرة لوجه الله، ولولا أنني لا أعود في شيء جعلته لله عز وجل لنكحتها.
ويقال: ضاف أبا ذر الغفاري ضيف فقال للضيف: إني مشغول فأخرج إلى أبواء فإن لي بها إبلا فأتني بخيرها، فذهب وجاء بناقة مهزولة فقال له أبو ذر: جئتني بشرها، فقال: وجدت خير الإبل فحلها فتذكرت يوم حاجتكم إليه، فقال أبو ذر: إن يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي مع أن الله عز وجل يقول: " * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *).
وعن رجل من بني سليم يقال له عبد الله بن سيدان عن أبي ذر قال: في المال ثلاث شركاء: القدر لا يستأمرك أن تذهب بخيرها أو شرها من هلاك أو موت أو فعل، والوارث ينتظرك أن تضع رأسك ثم يستاقها وأنت ذميم، والثالث أنت فإن استطعت أن لا يكون أعجب إليك مالا فإن الله عز وجل يقول: " * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *)، وإن هذا الجمل كان مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي.
وروي عن ربيع بن خيثم أنه وقف سائل على بابه، فقال: أطعموه سكرا فقيل: ما يصنع هذا بالسكر فنطعمه خبزا فهو أنفع له، فقال: ويحكم أطعموه سكرا؛ فإن الربيع يحب السكر.
وروي عن الربيع بن خيثم أيضا أنه جاءه سائل في ليلة باردة، فخرج إليه فرآه كأنه مقرور قال: " * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *) فنزع برتشا له وأعطاه إياه وذكر أنه كساه عروة.
وبلغنا أن زبيدة أم جعفر اتخذت مصحفا في تسعين قطعة كتب بالذهب على الرق وجعلت ظهورها من الذهب مرصعة بالجواهر، فبينما هي تقرأ القرآن ذات يوم فقرأت هذه الآية، فلم يكن شيء أحب إليها من المصحف، فقالت: علي بالصاغة، فأمرت بالذهب والجواهر حتى بيعت وأمرت حتى حفرت الآبار وأشرف الحياض بالبادية.
وقال أبو بكر الوراق: دلهم بهذه الآية على الفتوة، وقال: لن تنالوا بري بكم إلا ببركم إخوانكم والإنفاق عليهم من أموالكم وجاهكم وما تحبون، فإذا فعلتم ذلك نالكم بري وعطفي.
" * (وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) *): أي فإن الله يجازي عليه لأنه إذا علمه جازى عليه، وتأويل (ما) تأويل الشرط والجزاء وموضعها نصب لينفقوا، المعنى: وأي شيء ينفقون فإن الله به عليم.
2 (* (كل الطعام كان حلا لبني إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين * فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»